نبذة مختصرة عن تاريخ الأزهر الشريف

نبذة مختصرة عن تاريخ الأزهر الشريف

يعَدَّ الجامع الأزهر الشريف أقدم جامعة في العالم بأسره، إذ يمتدّ عطاؤه العلمي منذ ما يربو على ألف عام.

وقد بدأ القائد جوهر الصقلي مؤسس القاهرة بناء الجامع الأزهر في عام 359 هـ – 970 م ، وأتمّ بناءه بعد سنتين في عام 361 هـ  – 972 م، ثم بدأت الحلقات العلمية بالأزهر في عام  365 هـ – 976 م.

وقد ظل علماء الأزهر منذ ذلك التاريخ الذي يرجع إلى أكثر من عشرة قرون يقدمون لطلابهم من مصر، ومن سائر أقطار المسلمين زاد من العلم في مجالات الشريعة وعلومها من: تفسير وحديث وفقه وأصوله، وفي العقيدة والفلسفة والمنطق وعلم الكلام ، وفي اللغة العربية وعلومها وآدابها، وفي الرياضيات، والفلك، وقد اتسعت – في القرن الماضي – مجالات الدراسة بالأزهر فشملت كذلك مجالات الطب والصيدلة والعلوم والهندسة، واللغات والترجمة، والإدارة  وغير ذلك.

وقد ورد في دائرة معارف كوليرز (colliers) عنه : “… ويفد إلى الأزهر الألوف من دول العالم الإسلامي، ويُعتبر أقدم جامعة في العالم، تُدرِّس علوم القرآن والشريعة مع العلوم التطبيقية والأكاديمية”.

وقال عنه الأستاذ عباس محمود العقاد: “…فقد تقرر بحكم العرف والتقليد، وحكم العقيدة والسمعة أن الأزهر صوت الأمة الذي يسمعه الحاكم الدخيل من المحكومين وأنه ملاذ القوة الروحية في نفوس أبناء الأمة، وفي نفوس الحاكمين الذين يدينون بعقيدتها…”.

ووصفه الدكتور ثروت عكاشة بأنه أقدم جامعة في العالم “… كانت منذ إنشائها منهلاً للثقافة الدينية، فمكّنت للقاهرة بذلك أن تحمل لواء الثقافة الدينية بين شعوب العالم الإسلامي، كما كانت مشعلاً للفكر، فأيقظت الرأي، وأنارت الطريق أما م المفكرين.. وأصبحت كعبة للقاصدين في الشرق والغرب”.

وإن هذا التاريخ الخالد والتراث العظيم، والمشاركة الجبارة للأزهر الشريف في الحياة المصرية والإسلامية عامة جعلت المسلمين في العالم أجمع ينظرون إليه نظرة مليئة بالإكبار والإجلال، وأن يعتبروه كعبتهم الثانية التي حازت شرف المحافظة على التراث الإسلامي المجيد، فنفروا إليه من بلادهم يبذلون في سبيله ، وليرشدوا قومهم إذا رجعوا إليهم. وفي رحاب الأزهر عُرفت المساواة، وتحققت بين طلابه على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، وانعدمت الامتيازات بين الطلاب، فكان الأزهر هو التطبيق العملي لمبادئ الإسلام الرشيدة “كلكم لآدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلاّ بالتقوى”.

وكفل الأزهر الشريف للطلاب الوافدين إليه – بالإضافة إلى الدراسة المجانية – السكن المجاني والأمن المعيشي عن طريق الأوقاف التي أوقفها حكام مصر الموسرون من أهل الخير على طلاب الأزهر.

وكما فتح الأزهر أبوابه لاستقبال الطلاب الوافدين للدراسة فتح أبوابه لاستقبال العلماء من شتى الأقطار للتعليم وتصدّر حلقات الدرس، لا فرق بين عالم مصري، وعالم وافد، فكلهم في رحاب الأزهر سواء.

قُم في فم الدنيا وحيّ الأزهر
واجعل مكان الدرّ إن فصلته
واذكره بعد المسجدين معظّماً
واخشع مليّاً واقض حقّ أئمة
كانوا أجلّ من الملوك جلالةً
وانثر على سمع الزمان الجوهرا
في مدحه خرز السماء النيّرا
لمساجد الله الثلاثة مكبراً
طلعوا به زهراً وماجوا أبحُرا
وأعزّ  سلطانا   وأفخم مظهرا
أحمد شوقي أمير الشعراء


دكتور/ محمد ناشي

الأستاذ في كلية اللغة العربية

الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد