مواقف من التاريخ الإسلامي

مواقف من التاريخ الإسلامي

بقلم : د/عبد الرحمن حماد الأزهري

نادىِ الحاجب يا قتيبة (هكذا بلا لقب)فجاء قتيبة بن مسلم الباهلي وجلس ، وهو قائد جيوش المسلمين .
قال القاضي ما دعواك يا سمرقندي ؟
قال اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعونا إلى الإسلام ، ولم يمهلنا حتى ننظرفي أمرنا، التفت القاضي إلى قتيبة .. وقال وما تقول في هذا يا قتيبة ؟
قال قتيبة : الحرب خدعة ، وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ، ولم يدخلوا الإسلام ، ولم يقبلوا بالجزية .
قال القاضي : يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟ ، قال قتيبة  : لا .. إنما باغتناهم كما ذكرت لك .
قال القاضي :  أراك قد أقررت .. وإذا أقر المدعى عليه انتهت المحاكمة ، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل
قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند ، من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تُترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبقى في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك !!
لم يصدّق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا شهود .. ولا أدلة ..  ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة ..
ولم يشعروا إلا والقاضي والحاجب وقتيبة ينصرفون أمامهم ، .بعد ساعات قليلة .. سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ، وغبار يعمّ الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار ، فسألوا .. فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ ، وأنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به ..وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم .. إلا وقد خلت طرقات سمرقند ، وصوت بكاءٍ يُسمع في البيوت على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم .
ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم ، حتى خرجوا أفواجاً ، وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددو شهادة :
أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله

أتدرون من هو القاضي ؟
إنه *(( عمر بن عبد العزيز ))* .. خامس الخلفاء الراشدين رضي الله عنه وأرضاه .