من شبهات المستشرقين حول أسلوب القرآن الكريم
بقلم د / محمد الراسخ الازهري
يحرص أعداء الإسلام من المستشرقين وغيرهم علي إثارة الشبه حول أسلوب
القرآن الكريم ، ومن ذلك قولهم إن القرآن منقسم إلي أسلوبين متغايرين تمام التغاير فالأسلوب المكي ممتلئ بالشدة والعنف كمثل قوله تعالي:( تبت يدا أبي لهب وتب )
في حين أن القسم المدني يتسم بالسهولة واللين كمثل قوله تعالي : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بييننا وبينكم ) ولا شك أن غرضهم من ذلك الإيحاء بأن القرآن من عند سيدنا محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ حيث إنه ـ كما يتوهمون ـ
كان يتأثر بالبيئة غلظة واستنارة ، ومن هنا جاءت الآيات المكية شديدة تبعا لأمية
أهل قريش وطبعهم الجاف في حين جاءت الآيات المدنية سهلة تبعا لثقافة أهل المدينة الواسعة ، ولا شك أن هذه الشبهة ساقطة حيث إنه بالنظر والتتبع نجد أن القسم المكي لم ينفرد بالشدة ففي القسم المدني آيات فيها وعيد كمثل قوله تعالي : ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) وأيضا القسم المدني لم ينفرد بالسهولة واللين ففي القسم المكي كثير من هذه الآيات كمثل قوله تعالي : ( قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون ) هذا وإن سلمنا غلبة أسلوب الشدة في المكي وأسلوب اللين في المدني فهذا الاختلاف غير راجع إلي سيدنا محمد وتأثره بالبيئة وإنما مرجعه الحقيقي إلي اختلاف حال المخاطبين ، فأهل مكة غلاظ الطبع قساة القلب ، وأهل المدينة أهل علوم ومعارف ، فهل من الحكمة أن يتفق الأسلوب مع اختلاف حال المخاطبين ؟ وبذلك تبطل الشبهة من أساسها .
والله ولي التوفيق