مكارم الأخلاق في الإسلام

مكارم الأخلاق في الإسلام

بقلم : الأستاذ الدكتور/يوسف عامر الأزهري نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف
  1. الامتناع عن إيذاء الآخرين

امتناع المسلم عن إيذاء أخيه المسلم أو الإساءة إليه ولو بالكلمة، وقد جاء هذا النهي على لسان رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي قال: “إذا كان أحدكم صائما، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم”.

سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام أفضل؟ فقال: “من سلم المسلمون من لسانه ويده” رواه البخاري ومسلم، هذا واعلم أخي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نفى الإيمان عن من يرهب جاره المسلم ويروعه فقال صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه.

 

  1. التعاون والإخاء

مسارعة المؤمن إلى إدخال الفرح والسرور على قلوب الآخرين عبر أي عمل خيري تطوعي، ومن ذلك إطعام الضيف في رمضان؛ إذ ذلك يزيد المودة ويعد مظهر من مظاهر التعاون والتحاب والإخاء، كل ذلك بهدف اكتساب الثواب في الدنيا والآخرة، قال عليه الصلاة والسلام مبينا فضل من فطّر صائماً: “من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء” رواه الترمذي.

 ومن ذلك أيضا التزاور فاحرص على زيارة الأقارب والزملاء والتهادي في الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تهادوا تحابوا”، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: “تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء”.

 ولما كان الإسلام حريصا كل الحرص على التآلف بين أبنائه، وتربية روح المحبة والتواد فيما بينهم كان من التهادي، والتصافح وكذا التزاور، أكد على إفشاء هذا الخلق النبيل ولعل هذا يظهر بشكل واضح جدا في قوله صلى الله عليه وسلم: ” ألا أدلكم على أمر إذا أنتم فعلتم تحاببتم: أفشوا السلام بينكم”.

 

  1. حق الجار

 حفظه غائباً، وإكرامه شاهداً، ونصرته ومعونته في الحالين جميعاً. لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوأة لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلف، كنت لما علمت حصنا حصينا وستراً ستيراً، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تسلمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة، تقيل عثرته وتغفر زلته، ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تتحرج أن تكون سلما له، ترد عنه لسان الشتيمة وتبطل فيه كيد حامل النصيحة، وتعاشره معاشرة كريمة، وتنصره إذا كان مظلوماً. فإذا علمت عليه سوءاً سترته عليه، وإن علمت أنه يستمع نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولعله مما يؤكد المعاني السابقة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه ليورثنه”. وقال صلى الله عليه وسلم محذرا من أن ينال المسلم جاره بأذى فقال: “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه”.

 

  1. الإصلاح بين الناس

 لقد حرص الإسلام على إصلاح ذات البين في المجتمع لذا نراه حريصا على هذا آخذا بكافة الوسائل التي تحفظ هذا المعنى للمجتمع، فلا يكون هناك تباغض أو تشاحن بين أفراد المجتمع الواحد ومن ذلك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال إصلاح ذات البين” رواه أبو داود والترمذي، وقال سعيد بن المسيب: ألا أخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين وإياكم والبغضة فإنها هي الحالقة”.

 وقال صلى الله عليه وسلم: ” لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح”.

 فها أنت تراه أباح الكذب الذي يكون عاملا من عوامل الإصلاح، وإذا كان إصلاح ذات البين واجبا فمن البين أن ترك الإفساد بين الناس باجتناب النمائم واتقاء الضرب والتحرش بينهم أوجب وألزم، وقد قال عز من قائل: (اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم).

 

  1. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”. رواه مسلم.

 هذا وقد مثل الإسلام هذا المعنى في صورته العملية موضحا النتائج والآثار التي قد تترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقول صلى الله عليه وسلم: “مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا”. ويقول صلى الله عليه وسلم مؤكدا على أهمية هذا الخلق الكريم في حفظ المجتمع: “لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه”. وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث.

 

  1. من حقوق المسلم على أخيه المسلم:

 أن يرد تحيته، وأن يستر عورته، ويغفر زلته، ويرحم عبْرته، ويقيل عثرته، ويصون حرمته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصحه، ويحفظ خلته، ويرعى ذمتـه، ويجيب دعـوته،

 ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويتبع جنازته،ويقضي حاجته،

ويشفع مسألته، ويشمت عطسته، ويرد ضـالته، ويواليه ولا يعـاديه، ينصره على ظـالمه، يكفه عن ظلمه غيره،ولا يسلمه، ولا يخذله.

وقد وردد في ذلك الآثار الكثيرة عن رحمة الله للعالمين، البشير النذير النبي صلى الله عليه وسلم قال: “حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه”.

 

  1. الذب عن أعراض المسلمين:

“من ردَّ عن عرض أخيه ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة” رواه الترمذي.

 في هذا الحديث دلالة واضحة على أهمية الذب عن عرض المسلم، والتحذير من مغبة الوقوع في عرضه، وفي رواية: “من رد عن عرض أخيه المسلم كان له حجابا من النار”، وفي الحديث: “من رد عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيها الناس إن الله قد وضع عنكم الحرج إلا امرأً اقترض من عرض أخيه فذاك الذي حرج وهلك”.

وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: “الربا سبعون حوبا أي إثما أيسرها نكاح الرجل أمه وأربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه”.

 ويتبين من الحديث عظم هذا الذنب العظيم ألا وهو الوقوع في أعراض الناس، فالإسلام حذر من الوقوع فيها وحث المسلم على أن يدفع عن عرض أخيه بكل ما يستطيع من وسائل بغية أن يحجب عن النار.

 

  1. كبير السن

لكبير السن مكانته المتميزة في المجتمع المسلم فهو يتعامل معه بكل توقير واحترام يحدوه في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: “ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا” رواه أبو داود والترمذي. ويظهر ذلك التوقير والاحترام في العديد من الممارسات العملية في حياة المجتمع المسلم وجميع هذه الممارسات لها أصل شرعي بل فيها حث وتوجيه نبوي فضلاً عن ممارساته صلى الله عليه وسلم مع المسنين وتوجيه أصحابه نحو العناية بالمسنين وتوقيرهم واحترامهم وتقديمهم في أمور كثيرة، فنرى النبي صلى الله عليه وسلم يداعبهم ويدخل السرور على قلوبهم، كما نراه يحمل عنهم في الطريق ما يعجزون عن حمله حتى ولو كان مخالفا له في الدين، فإن لكبير السن منزلة باعتباره إنسان أولا ثم باعتباره مسلم ثانية، ولذا نجده صلى الله عليه وسلم ينهى عن إيذائه في الحرب إذ لا يتصور منه القدرة عليها.