مصر وباكستان تاريخ من العلاقات والتبادل المعرفي

مصر الأزهر وباكستان تاريخ من العلاقات

فتعد مصر من أوائل الدول الإسلامية في الشرق الأوسط  التي سعت للتضامن  والتعاون من أجل استقلال جمهورية باكستان الإسلامية ، ففي مارس سنة 1940م ، قرر القائد الأعظم محمد علي جناح تأسيس حركة استقلال باكستان ،وقد تعاطف مع هذه الحركة جموع المؤيدين لها من مسلمي الهند والعالم ،لذلك قرر القائد الأعظم محمد علي جناح زيارة مصر في عام 1946م ليكتسب التأييد الرسمي والشعبي من دول العالم الإسلامي ، وفي هذا الإطار التقى القائد الأعظم محمد علي جناح بشيخ الأزهر الشريف الشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين ولفيف من رجال الأزهر والدعوة الإسلامية في مصر ، كما أن مصر تعد من أوائل الدول الإسلامية في الشرق الأوسط  التي فتحت فيها باكستان سفارة بعد حصولها على الاستقلال مباشرة ،فقد  تم تعيين أول سفير باكستاني في مصرفي 30 يونيو 1948م،وفي يناير سنة 1949م تم استقبال السفير محمد علي باشا علوبة كأول سفير مصري في جمهورية باكستان الإسلامية .

وقد شهدت العلاقات تطوراً سريعاً بين جمهورية مصر العربية وجمهورية باكستان الإسلامية ، ففي نوفمبر 1948 قام رئيس الوزراء الباكستاني بزيارة مصر في طريق عودته من مؤتمر الكومنولث في لندن وناقش مع قادة مصر الموقف الدولي وشئون العالم الإسلامي ، وقد توثقت العلاقات بين البلدين بعد توقيع اتفاق صداقة بين مصر وباكستان في عام 1951 .

-و مع قيام ثورة يوليو 1952 ، ساندت باكستان الثورة وأيدت سعيها للحصول على الاستقلال . وكان لمصر دور بارز في وقف الحرب الهندية – الباكستانية في عام 1965 حيث أرسل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 8 سبتمبر من نفس العام طلباً لحكومتي البلدين بوقف فوري لإطلاق النار ، وأعرب عن استعداده لبذل المساعي الحميدة لدي الحكومتين .

– كما أعربت مصر عن قلقها العميق بصدد الحرب الهندية – الباكستانية عام 1971 ، وأبدت خوفها من المخاطر التي قد تهدد وحدة باكستان ، حيث انفصلت باكستان الشرقية ( بنجلادش ) عن دولة باكستان .

 – ومن المواقف المشهودة لجمهورية باكستان الإسلامية وقوفها إلى جانب مصر في حرب السادس من أكتوبر 1973م ، حيث قامت باكستان بإيواء بعض السفن الحربية المصرية ، وقام الرئيس السادات بزيارة باكستان في عام 1974 حيث لعب دوراً رئيسياً في إجراء المصالحة بين باكستان وبنجلاديش .

– كما سجل التاريخ لباكستان دورها البارز في دعم الموقف المصري بخصوص عودة مصر لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، وذلك من خلال مؤتمر القمة الذي عقد في الرباط عام 1984 .

 التعاون العلمي بين مصر الأزهر وباكستان (البعثة الأزهرية):

 وفي إطار العلاقات الأخوية الراسخة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية

باكستان الإسلامية منذ تأسيسها سنة 1947 م، وتأكيداً للدور الثقافي الذي تُعني به مصر الأزهر تجاه أشقائها في العالم الإسلامي – استقبل الأزهر الشريف وما زال يستقبل أعداداً كبيرة من الطلاب الباكستانيين

الوافدين إليه لدراسة العلوم الإسلامية واللغة العربية وآدابها، وقد وصل كثير منهم إلى مراكز مرموقة بعد انتهائهم من دراستهم وعودتهم إلى باكستان، وقد شاركت ومازالت وفود من الأئمة والخطباء والقضاة الباكستانيين في مؤتمرات ودورات تدريبية في رحاب الأزهر الشريف بالقاهرة.

          ولم يكتف الأزهر بذلك – في سبيل توطيد العلاقات الأخوية والثقافية والعلمية مع باكستان- بل أرسل نخبة من شيوخه وعلمائه من مختلف المعاهد الأزهرية للعمل مدرسين في المدارس والجامعات الدينية في كراتشي ولاهور وإسلام آباد وغيرها من حواضر باكستان ضمن بعثة أزهرية رسمية على نفقة الأزهر الشريف، وقد أسّست هذه البعثة –أثناء وجودها في باكستان- معهداً أزهرياً نموذجياً بإسلام آباد لتعليم أبناء باكستان وأبناء الجاليات المسلمة التي تعيش في إسلام آباد من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية وفق المناهج الأزهرية، وكان يقوم بالتدريس فيه أعضاء البعثة الأزهرية، وقد استمر نشاط هذا المعهد نحواً من عشر سنوات إذ توقف نشاطه في عام 2001 م، ونرجو أن يستأنف نشاطه من جديد.

          وتعتبر البعثة الأزهرية من أهم البعثات المصرية إلى باكستان وأكثرها ثراء، فقد أرسلت مصر كوكبة من خيرة علمائها من الأزهر وغيره من الجامعات المصرية للعمل بالجامعة الإسلامية  فی باکستان منذ نحو خمسة وثلاثين عاماً، فعاصروا نشأة الجامعة، ومن ثم كان لهم دور بارز في تأسيسها وتطويرها حتى اصطبغت بالصبغة العالمية، وصارت واحدة من أهم الجامعات الإسلامية العالمية، وقد قام هؤلاء الأساتذة –وما زالوا- بالتدريس والبحث  والإشراف على البحوث العلمية للطلاب في مجالات التفسير والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وعلومها وآدابها، والتاريخ والسيرة النبوية، والدعوة والثقافة الإسلامية، والاقتصاد وغير ذلك.

          ومن أبرز علماء مصر والأزهر الذين اضطلعوا بعبء تأسيس الجامعة وتطويرها:

  • أ.د حسين حامد حسان الذين كان أول أستاذ مصري أزهري يسهم في تأسيس الجامعة الإسلامية وتطويرها حتى صارت مصطبغة بالصبغة العالمية، وقد تولي رئاسة الجامعة من 1981 م – إلى – 1996 م، ثم صار مستشاراً لها من 1996 م إلى 2001 م ، ولايزال عضوا بمجلس أمنائها.
  • أ.د حسن محمود عبد اللطيف الشافعي، وقد عمل أستاذاً بكلية أصول الدين بالجامعة ونائباً لرئيسها من 1998 م إلى 2004 م، وهو الآن رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية.
  • أ.د أحمد محمد العسال (رحمه الله) الذي عمل أستاذاً ونائباً لرئيس الجامعة من 1987 م إلى 1996، ثم رئيساً للجامعة من 1996م إلى 1998 م، ثم نائباً لرئيسها تارة أخرى من 1998 م إلى 2001 م، ثم مستشاراُ للجامعة من 2001 م إلى 2004 م.
  • أ.د علي عشري زايد الذي أسهم في تأسيس كلية اللغة العربية وتولى عمادتها من 1982م إلى 1992م، كما كان له دور بارز في تأسيس معهد اللغات واللغويات، وتولي إدارته كذلك.
  • أ.د محمد عبد الهادي سراج الذي تولي عمادة كلية الشريعة والقانون في الثمانينيات من القرن الماضي، ثم صار مديراً لأكاديمية الشريعة بعد ذلك.
  • أ.د عبد الله جمال الدين الذي تولي عمادة كلية أصول الدين في الثمانينيات من القرن الماضي كذلك

وقد شارك هؤلاء العلماء الأجلاء آخرون التحقوا بهم من بعدهم من خيرة علماء مصر أمثال أ.د محمود شرف الدين و أ.د رجاء عبد المنعم جبر و أ.د محمد حماسة عبد اللطيف و أ.د عبد اللطيف عامر و أ.د عبد الغفور مصطفى و أ.د أحمد عبد العظيم و أ.د دياب عبد الجواد و أ.د محمد أحمد محمود حماد و أ.د أبو اليزيد العجمي و أ.د محمد خليفة حسن و أ.د محمود مخلوف و أ.د محمد عبد التواب حامد و أ.د عبد الرحمن يسري و أ.د رفعت العوضي ولا تزال البعثة الأزهرية المصرية تؤدي دورها العلمي حتى الآن .

ومن الشخصيات الأزهرية البارزة التي زارت باكستان كل من:

  • فضيلة الأمام الأكبر أ.د جاد الحق علي جاد الحق (شيخ الأزهر) ألذي زار باكستان في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ووافق أثناء زيارته على إنشاء المعهد الأزهري النموذجي.
  • فضيلة الإمام الأكبر أ.د محمد سيد طنطاوي (شيخ الأزهر) وقد زار فضيلة باكستان في تسعينيات من القرن الماضي.
  • فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب (شيخ الأزهر)، وقد عمل فضيلة أستاذاً ثم عميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية من 1999 م إلى 2001 م، وبعد عودته لمصر صار مفتياً لمصر، ثم تولي مشيخة الأزهر حتى الآن، ويولي فضيلتة البعثة الأزهرية الحالية فی باکستان رعاية خاصة.
  • أ.د أحمد عمر هاشم (الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر) الذي شارك في اجتماع مجلس أمناء الجامعة أواخر التسعينيات.
  • أ.د محمد عبد الفضيل القوصي (وزير الأوقاف الأسبق) الذي شارك في مؤتمر علمي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي للجامعة الإسلامية أواخر التسعينيات.
  • أ.د عبد الفتاح الشيخ (الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر) وقد شارك في المؤتمر العلمي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي للجامعة الإسلامية أواخر ثمانينيات.
  • أ.د أسامة العبد (الرئيس السابق لجامعة الأزهر) وقد زار باكستان، دُعي لزيارة الجامعة الإسلامية مرتين خلال السنوات الثلاث السابقة.
  • ومن الشخصيات العلمية الأزهرية التي زارت باكستان أيضاً العالم الجليل أ.د محمد عبد الله دراز، وذلك للمشاركة في المؤتمر الإسلامي في مدينة لاهور في يناير 1958م، وقد وافاه الأجل –رحمه الله – أثناء انعقاد المؤتمر.

وبعد فإن الأزهر هو النشيد الإسلامي الخالد الذي تردده الأجيال، وتتناقله الألسن من جيل إلى جيل على مر العصور…

 

دكتور/حسن عبد الباقي                                               دكتور/عبد الرحمن حماد الأزهري

    أستاذ في كلية اللغة العربية                             أستاذ ورئيس قسم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي

بالجامعة الإسلامية العالمية باكستان                  بالجامعة الإسلامية العالمية – بإسلام آباد-  باكستان