مصر الأزهر وباكستان تاريخ من العلاقات
دكتور حسن محمد عبدالباقي
في إطار العلاقات الأخوية الراسخة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية
باكستان الإسلامية منذ تأسيسها سنة 1947 م، وتأكيداً للدور الثقافي الذي تُعني به مصر الأزهر تجاه أشقائها في العالم الإسلامي – استقبل الأزهر الشريف وما زال أعداداً كبيرة من الطلاب الباكستانيين
الوافدين إليه لدراسة العلوم الإسلامية واللغة العربية وآدابها، وقد وصل كثير منهم إلى مراكز مرموقة بعد انتهائهم من دراستهم وعودتهم إلى باكستان مثل الدكتور (أحمد جان) الذي عمل أستاذاً ثم رئيساً لقسم الدعوة والحضارة الإسلامية بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية- إسلام آباد، والدكتور (تاج الدين الأزهري) الذي اتخذ من وصف (الأزهري) لقبا له اعتزازا بالأزهر وعلمائه، وقد عمل أستاذاً ثم رئيساً لقسم الحديث بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية، والدكتور (عبد الوهاب جان) الذي يعمل أستاذاً مساعداً بقسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين أيضاً، والدكتور (ثناء الله) الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الأدبية بكلية اللغة العربية بالجامعة نفسها، وقد شاركت ومازالت وفود من الأئمة والخطباء والقضاة الباكستانيين في مؤتمرات ودورات تدريبية في رحاب الأزهر الشريف بالقاهرة.
ولم يكتف الأزهر بذلك – في سبيل توطيد العلاقات الأخوية والثقافية والعلمية مع باكستان- بل أرسل نخبة من شيوخه وعلمائه من مختلف المعاهد الأزهرية للعمل مدرسين في المدارس والجامعات الدينية في كراتشي ولاهور وإسلام آباد وغيرها من حواضر باكستان ضمن بعثة أزهرية رسمية على نفقة الأزهر الشريف، وقد أسّست هذه البعثة –أثناء وجودها في باكستان- معهداً أزهرياً نموذجياً بإسلام آباد لتعليم أبناء باكستان وأبناء الجاليات المسلمة التي تعيش في إسلام آباد من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية وفق المناهج الأزهرية، وكان يقوم بالتدريس فيه أعضاء البعثة الأزهرية، وقد استمر نشاط هذا المعهد نحواً من عشر سنوات إذ توقف نشاطه في عام 2001 م، ونرجوا أن يستأنف نشاطه من جديد.
وتعتبر البعثة المصرية إلى الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد من أهم البعثات المصرية إلى باكستان وأكثرها ثراء، فقد أرسلت مصر كوكبة من خيرة علمائها من الأزهر وغيره من الجامعات المصرية للعمل بالجامعة الإسلامية منذ نحو خمسة وثلاثين عاماً، فعاصروا نشأة الجامعة، ومن ثم كان لهم دور بارز في تأسيسها وتطويرها حتى اصطبغت بالصبغة العالمية، وصارت واحدة من أهم الجامعات الإسلامية العالمية، وقد قام هؤلاء الأساتذة –وما زالوا- بالتدريس والبحث والإشراف على البحوث العلمية للطلاب في مجالات التفسير والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وعلومها وآدابها، والتاريخ والسيرة النبوية، والدعوة والثقافة الإسلامية، والاقتصاد وغير ذلك.
ومن أبرز علماء مصر والأزهر الذين اضطلعوا بعبء تأسيس الجامعة وتطويرها:
- أ.د حسين حامد حسان الذين كان أول أستاذ مصري أزهري يسهم في تأسيس الجامعة الإسلامية وتطويرها حتى صارت مصطبغة بالصبغة العالمية، وقد تولي رئاسة الجامعة من 1981 م – إلى – 1996 م، ثم صار مستشاراً لها من 1996 م إلى 2001 م ، ولايزال عضوا بمجلس أمنائها.
- أ.د حسن محمود عبد اللطيف الشافعي، وقد عمل أستاذاً بكلية أصول الدين بالجامعة ونائباً لرئيسها من 1998 م إلى 2004 م، وهو الآن رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية.
- أ.د أحمد محمد العسال (رحمه الله) الذي عمل أستاذاً ونائباً لرئيس الجامعة من 1987 م إلى 1996، ثم رئيساً للجامعة من 1996م إلى 1998 م، ثم نائباً لرئيسها تارة أخرى من 1998 م إلى 2001 م، ثم مستشاراُ للجامعة من 2001 م إلى 2004 م.
- أ.د علي عشري زايد الذي أسهم في تأسيس كلية اللغة العربية وتولى عمادتها من 1982م إلى 1992م، كما كان له دور بارز في تأسيس معهد اللغات واللغويات، وتولي إدارته كذلك.
- أ.د محمد عبد الهادي سراج الذي تولي عمادة كلية الشريعة والقانون في الثمانينيات من القرن الماضي، ثم صار مديراً لأكاديمية الشريعة بعد ذلك.
- أ.د عبد الله جمال الدين الذي تولي عمادة كلية أصول الدين في الثمانينيات من القرن الماضي كذلك
وقد شارك هؤلاء العلماء الأجلاء آخرون التحقوا بهم من بعدهم من خيرة علماء مصر أمثال أ.د محمود شرف الدين وأ.د رجاء عبد المنعم جبر و أ.د محمد حماسة عبد اللطيف و أ.د عبد اللطيف عامر و أ.د عبد الغفور مصطفى و أ.د أحمد عبد العظيم و أ.د دياب عبد الجواد وأ.د محمد أحمد محمود حماد وأ.د أبواليزيد العجمي وأ.د محمد خليفة حسن وأ.د محمود مخلوف وأ.د محمد عبد التواب حامد وأ.د عبدالرحمن يسري وأ.د رفعت العوضي ومن الشخصيات الأزهرية البارزة التي زارت باكستان، وحظيت الجامعة الإسلامية بزيارتها كل من:
- فضيلة الأمام الأكبر أ.د جاد الحق علي جاد الحق (شيخ الأزهر) ألذي زار باكستان في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ووافق أثناء زيارته على إنشاء المعهد الأزهري النموذجي.
- فضيلة الإمام الأكبر أ.د محمد سيد طنطاوي (شيخ الأزهر) وقد زار فضيلة باكستان في تسعينيات من القرن الماضي.
- فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب (شيخ الأزهر)، وقد عمل فضيلة أستاذاً ثم عميداُ لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية من 1999 م إلى 2001 م، وبعد عودته لمصر صار مفتياً لمصر، ثم تولي مشيخة الأزهر حتى الآن، ويولي فضيلتة البعثة الأزهرية الحالية للجامعة الإسلامية العالمية رعاية خاصة.
- أ.د أحمد عمر هاشم (الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر) الذي شارك في اجتماع مجلس أمناء الجامعة أواخر التسعينيات.
- أ.د محمد عبد الفضيل القوصي (وزير الأوقاف الأسبق) الذي شارك في مؤتمر علمي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي للجامعة الإسلامية أواخر التسعينيات.
- أ.د عبد الفتاح الشيخ (الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر) وقد شارك في المؤتمر العلمي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي للجامعة الإسلامية أواخر ثمانينيات.
- أ.د أسامة العبد (الرئيس السابق لجامعة الأزهر) وقد زار باكستان، دُعي لزيارة الجامعة الإسلامية مرتين خلال السنوات الثلاث السابقة.
- ومن الشخصيات العلمية الأزهرية التي زارت باكستان أيضاً العالم الجليل أ.د محمد عبد الله دراز، وذلك للمشاركة في المؤتمر الإسلامي في مدينة لاهور في يناير 1958م، وقد وافاه الأجل –رحمه الله – أثناء انعقاد المؤتمر.
وبعد فإن الأزهر هو النشيد الإسلامي الخالد الذي تردده الأجيال، وتتناقله الألسن من جيل إلى جيل على مر العصور…
وفيه يقول الشاعر الدكتور عبد السلام سرحان في قصيدته (ملحمة الأزهر):
يُولي (البعوث) رحيقاً من معارفه ويجتلي العلم أولاه وأخراه
لينذروا قومهم إن صحّ نَفرُهم ويفقهوا الدين قد رقت حشاياه
ويجتنوا ثمر القرآن رانية قطوفها في ارتشاف من خلاياه
فما البلاغة إلا فيض كوثره وما الفصاحة إلا فضل معناه
بَذَا أقرّ الأقاصي في الدّنا فخراً بنهجك الحر والتاريخ آخاه
في (الهند) و (الصين) في (الأفغان) ذروته فوق الذُّرا وتسُوم الدهر علياه
في (إندونيسيا) و(باكستان) جذوته وفي (الملايو) تشعُّ الآن أضواه
دكتور حسن محمد عبدالباقي
الأستاذ في كلية اللغة العربية
الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد