كيف كان رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) يعامل زوجاته
بقلم :دكتور عبد المحسن جمعة الأزهري
سمت معاملات الرسول (صلي الله عليه وسلم ) سموا لا يدانيه أحد ، فكان النموذج والمثل في تعاملاته مع زوجاته ، فكان معلما ومربيا غرس في نفوسهن وعقولهن المبادئ السامية التي تفوق كل المبادئ التي عرفتها الإنسانية ، فكانت معاملاته دليلا على نبوته. وقد شاء الله أن يخلق الإنسان من ذكر وأنثي ، وأن تكون إحدى سننه التزاوج بين هذين الجنسين ، فقد قال – تعالى – : (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) فالسكينة والرحمة والمودة من أعظم آيات الله في الزواج.
وكانت حياة رسول الله الزوجية تطبيقا لهذه المعاني القرآنية ، لذلك نجده يكثر من وصية أصحابه بالمرأة ، ويحث الأزواج أن يعاملوا زوجاتهم معاملة حسنة ، مستمدة من آية الزواج القائمة على المودة والرحمة ، فيقول (صلي الله عليه وسلم ) : (( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي )).
فمن معاملة الرسول (صلي الله عليه وسلم ) لأزواجه أمثلة وصور رائعة ، فتجده – إذا حدث لإحداهن موقف يضايقها – كان أول من يواسيها ، يكفكف دموعها ، يقدر مشاعرها ، لا يهزأ بكلماتها يسمع شكواها ، ويخفف أحزانها ، فكان مثالا يحتذى ، وقدوة حسنة يستفيد منها البيت المسلم على مر العصور ، فعن أنس (رضي الله عنه ) قال : بلغ صفية أن حفصة قالت عنها : بنت يهودي، فبكت ، فدخل عليها النبي وهي تبكي ، فقال لها : (( ما يبكيك ؟ )) فقالت : قالت لي حفصة : إني بنت يهودي ، فقال لها النبي (صلي الله عليه وسلم ) : (( إنك لابنة نبي ، وإن عمك لنبي ، وإن زوجك لنبي ، ففيم تفخر عليك ؟ )) ثم قال (( اتقى الله يا حفصة )).
كما وصفت السيدة عائشة (رضي الله عنها) حال رسول الله كزوج داخل بيته ، فقالت : (( كان يكون في مهنة أهله ، يخدم نفسه ، ويخصف نعله ويرقع ثوبه )) .
فكان تعامله مع زوجاته من منطلق الرحمة والحب، كما أنه تعامل – أيضا- من منطلق أنه بشر مثل باقى البشر الأسوياء الذين لا يرون غضاضة في مساعدة أزواجهم.
ومن عظيم محبته لهن (رضي الله عنهن ) أنه كان يشاركهن المأكل والمشرب من نفس الإناء ، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت : “كنت أشرب من الإناء فأناوله النبى ،فيضع فاه على موضع فى ،وأتعرق العرق-العظم المكسو باللحم-فيضع فاه على موضع فى “وكان يخرج معهن للتنزه ، ولزيادة أواصر المحبة ،فيروى البخاري :”كان النبي إذا جاء الليل سار مع عائشة يتحدث”.
وكثيرا ما كان يمتدح زوجاته ، فها هو ذا يمتدح عائشة (رضي الله عنها) قائلا :”إن فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”.
كما تجلت رحمته ورأفته على زوجاته حينما دخل على زينب بنت جحش (رضي الله عنها) فوجد حبلا ممدودا بين الساريتين ،فقال :”ما هذا الحبل ؟”قالوا :هذا حبل لزينب ،فإذا فترت – تعبت من الوقوف قيام الليل – تعلقت
به،فقال رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) “لا حلوه ، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد ” .
ورغم ما كان يجد (صلي الله عليه وسلم ) من بعض نسائه ، إلا أنه لم يضرب امرأة له قط ، كما قالت السيدة عائشة (رضي الله عنها) ما ضرب رسول الله امرأة قط ” …… إلى غير ذلك من الصور والنماذج ، والخلاصة أن الناظر في سيرته (صلي الله عليه وسلم ) يجد أنه كان يقدر أزواجه حق التقدير ، ويوليهم عناية فائقة ، ومحبة لائقة ، فكان نعم الزوج .