فرية تناقض القرآن مع الحفائق العلمية الثابتة

بقلم : دكتور/ عبدالمحسن جمعة الازهري

من حين لآخر يخرج علينا متحاملون وبعض ذوي الأفق الضيق يدعون أن القرآن يتناقض في بعض آياته مع معطيات العلم الحديث ومكتشفاته , والحقائ العلمية الثابتة .

 قاصدين بذلك إلى الطعن فيه , وإثبات كونه ليس من عند الله تبارك وتعالى , بل هو من بنات أفكار محمد  – صلى الله عليه وسلم  – أوعلى أقل تقدير إظهار القرآن بمظهر الكتاب الذي يخاطب أعرابا لا حظ لهم من العلم , وهذه لغة الخطاب التي تناسبهم ,نظا لأميتهم , وبالتالي لا يصلح لأن يخاطب به العالم الآن , بعد هذا التقدم العظيم والتطور العلمي البالغ . ويضرب هؤلاء وأولئك مثلا بما ورد في قصة ذي القرنين في قوله تعالى ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ..)

( الكهف 86). فالآية أثبتت أن  الشمس عند غروبها تسقط  في عين ذات طبيعة طينية , وهذا لايقول به من لديه إلمام بسيط بأمور العلم , فكيف يصدر من الله تعالى علام الغيوب ؟

والحق أن المشكلة ليست في النص بل في فهم النص . فالآية تقول : ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ..) ولم تقل إن الشمس تسقط في عين حمئة . وإنما غروبها في عين حمئة هو بحسب رؤية ذي القرنين لها .لا على الحقيقة وواقع الأمر , والمشاهدة تصدق هذا , فإذا كان أحدنا قريبا من البحر وقت الغروب فإنه يرى الشمس وكأنها تنزل في البحر وتغيب فيه , وليس الأمر كذلك , بل إن هذه الرؤية بسبب كروية الأرض  . فالأجسام كلما ابتعدت في الأفق فإنها تختفي شيئا فشيئا كأنها تغوص في الأرض . وهذا مايحدث في مرأى العين عند الغروب .

وهذا الفهم هو ما عليه علماء المسلمين منذ زمن بعيد فهذا أبو بكر القفال – من علماء القرن الخامس ينقل عن بعض العلماء في تفسير هذه الآية :  ” ليس المراد أنه [أى ذو القرنين] انتهى إلى الشمس مشرقاً ومغرباً حتى وصل إلى جرمها ومسها.. فهى أعظم من أن تدخل فى عين من عيون الأرض، بل هى أكبر من الأرض أضعافاً مضاعفة، وإنما المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة [أى البقاع المعمورة والمأهولة] من جهة المغرب ومن جهة المشرق، فوجدها فى رأى العين تغرب فى عين حمئة، كما أنا نشاهدها فى الأرض الملساء كأنها تدخل فى الأرض “.

وبهذا تبطل تلك الدعوى التي لا دليل عليها . ويظل القرآن معجذا أبد الدهر لأنه ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) .