عمر بن الخطاب أول من دون الدواوين في الإسلام

عمر بن الخطاب أول من دون الدواوين في الإسلام

بقلم : دكتور/عبدالرحمن حماد الأزهري

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد العباقرة البارزين، وقد أظهر حكمة ومقدرة في الحكم، وهذا ما جعل أكثرية المسلمين يبايعونه بعد وفاة أبي بكر الصديق فضلاً عن استخلافهمن قبل أبي بكر رضي الله عنه، وكانت له مهارة مميزة في الخطابة، أثرت كثيراً في ازدياد شعبيته بين الناس ، كما أنه كان محبوباً لدى البلدان المفتوحة حديثاً، لأنه كان يتبع نهج التسامح الديني وحفظ حقوق القوميات والأديان الأخرى، وخصوصاً مع أهل الكتاب، أما خلال حروب الردة فقد كان لعمر بن الخطاب أيضاً مواقف لا تنسى، حيث أطلق سراح جميع سجناء القبائل البدوية. وكان لعمر بن الخطاب استراتيجيات عسكرية سجلت في التاريخ، مثل مهاجمة الأهداف مراراً وتكراراً من جهات عدة حتى تسقط، ومنها مهاجمة المركز أولاً، لذلك تحدث عن فضله العدو والصديق والفضل ما شهدت به فقد ذكره في كتابه (أعظم مئة شخصية في التاريخ)، للكاتب الغربي مايكل هارت، حيث وضعه في المرتبة الواحدة والخمسين، وقال عنه: (لقد استحق هذا المكان الرفيع بين الخالدين).

ويعتبر أهم أعمال عمر بن الخطاب الإدارية إنشاء الدواوين ،ويعود أصل كلمة ديوان إلى اللغة الفارسيّة، ويُقصد به السّجل أو الجدول، وقد أُطلقت كلمة ديوان في بداية الأمر على أجهزة الدولة الإدارية التي تتكفّل بالقيام بالأعمال العسكريّة، والماليّة، والإداريّة، وقد أُطلق أيضاً مصطلح الديوان على المكان الذي يتمّ فيه حفظ سجلات الدولة، وأمّا في الوقت اللاحق فقد تمّ إطلاق كلمة ديوان على المكان الذي يجتمع فيه الأشخاص الذين يُشكّلون الجهاز الإداريّ وهو المعروف بالوزارات في عصرنا الحاضر، ويجدر بيان أنّ كلمة ديوان قد اقتصر معناها في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على معنى السجل الذي يُحفظ فيه أسماء أفراد الجيش الذين فُرض لهم العطاء، ومقدار العطاء لكلّ واحدٍ منهم، ومن الدواوين التي تمّ إنشاؤها في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ديوان العطاء، وديوان الجباية، وبيت المال، ومن الأسباب التي دفعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى وضع الدواوين: التوسّع في الفتوحات الإسلامية في أراضي الفرس والبيزنطيين، ممّا أدى إلى تنامي الأموال العائدة إلى الدولة من الغنائم، فقد كان نصيب الدولة من الغنائم الخُمس، واستحدث أيضا للجُند ديوانًا لتحديد أسمائهم ومرتباتهم وأماكن جهادهم، وجعل للخَراج- الماليّة- ديواناً لرصد ميزانية الدَّولة والعائد والفائض وآلية الصَّرف وجهاتها،ووضع أساس التَّقويم الهجريّ مبتدئًا بتاريخ هجرة النَّبي صلى الله عليه وسلم من مكّة كأول يومٍ في التَّقويم،وأنشأ مدنًا جديدةً في العراق ومصر هي: البصرة والكوفة والفسطاط ،وأنشأ بيت مال المسلمين وهو يشبه وزارة الشؤون الاجتماعية في العصر الحالي،وحدد الوظائف والمسميات الوظيفية وعين موظفين يقومون بها كوظيفة القاضي وغيره ،رحم اللله عمر بن الخطاب فما ذكرت الإدارة إلا وذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.