عباد الرحمن والسلام المجتمعي

عباد الرحمن والسلام المجتمعي

بقلم : د.محمدي حضيري الأزهري

العبودية لله تعني الإستجابة للتوجيهات الربانية التي تساعد على تحقيق سلام المجتمع من خلال حسن الخلق و التمسك بالقيم التي تمنع الصدام بين أفراد الوطن , و تفتح باب التعاون و التواصل بين الجميع , و قد شرح القرآن الكريم  صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان  و كان على رأسها تحقيق السلام المجتمعي و ذلك في قوله تعالى :{وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا} و تسميتهم عباد الرحمن ينطلق من كونهم تشبعوا بصفة الرحمة في التعامل مع المخالف لهم في السلوك حتى يتمكنوا من التعامل معه و الأخذ بيده إلى طريق السلام الذي يحقق أمن المجتمع و ترابطه وقوته , فخير الناس أنفعهم للناس, وفي هذا المثال نجد السلام فكرا و سلوكا قويما يعالج مشكلة من أخطر المشاكل التي تعرض الأوطان للضعف, و هي مشكلة الجهل بحقوق الوطن و الأفراد فيه , و لذلك نجدهم يعالجون الجهل بنشر السلام الذي يتضمن تعليم الآخر و قبول المخالف وبيان مثالب الجهل , و أهم ما يميز عباد الرحمن القدوة الصالحة التي يقومون بها في المجتمع على مختلف المستويات , وهذا يؤكد حبهم للوطن وحبهم للآخر وسعيهم الدائم في نشر الخير و تغيير السلوك المنحرف للخروج به من ظلمات التطرف و التشدد إلى نور الوسطية و التسامح و التيسير , فهم يمشون على الأرض هونا أي تواضعا يبغون الإصلاح و السلام مع النفس و مع الآخر تحقيقا لوسطية الإسلام التي جاءت بها رسالته و أكدتها دعوة نبيه و رسوله الخاتم سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- و كانت أخلاقه سجلا حافلا بها و سار عليها الصحابة جميعا , و حافظ عليها الخلفاء الراشدون , و تحقق بها المسلمون فكرا و سلوكا فعاشوا حياة الأمن و السلام و الإستقرار, يقول تعالى :{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} و تلك دعوة للجميع أن يدخلوا في السلام المجتمعي أفرادا وجماعات رجالا و نساء شبابا و شيوخا , و هذا من أهم أبواب البر و التقوى التي أمرنا الله أن نتعاون على تحقيقها يقول الله تعالى { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ }

و الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات