ظلم الإسلام للمرأة في الميراث .. شبهة و ردها

ظلم الإسلام للمرأة في الميراث .. شبهة و ردها

بقلم :د/ عبدالمحسن جمعة الأزهري

يطل علينا بين الفينة والفينة من يدعي كذبا وجهلا فاضحا أن الإسلام ظلم المرأة حين جعل نصيبها في المراث على النصف من نصيب الرجل , ويستشهد بالآية المحكمة من سورة النساء ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وهذ الدعوى تصدر إما عن طاعن في الإسلام ، أو عن جاهل يردد هذه المقولة عن غيره دون وعي , وهدف كليهما لفت الأنظار إلى أن الإسلام بأحكامه وتشريعاته غير مواكب لروح العصر , وغير مراع لاستعدادات المرأة وقدراتها التي أهلتها لأن تكون في عصرنا عالمة وسياسية بل ومنهن من تبوأت سدة الحكم , فكونه يجعل نصيبها نصف نصيب الرجل فإنه ينطلق في ذلك من نظرته القاصرة للمرأة .

والبعض الآخر يرون أن  تنصيف نصيبها سببه النظرة الذكورية للمجتمع , وهو الأمر الذي نتج عنه غمط المرأة حقها, وتفضيل الرجل عليها لمجرد كونه رجلا وكونها امرأة . والحق أن ما قيل في هذا الشأن إما من حاقد أو جاهل ,ولهؤلاء نقول :

إن هذه الدعوى باطلة من أساسها وواقع الحال يكذبها , فالحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل أكثر من الحالات التي يرث فيها الرجل أكثرمنها , ألا نرى الرجل  يرث نصف نصيب المرأة حين يأخذ الزوج الربع والبنت النصف ؟ وحين يرث الجد السدس والبنت نصف التركة ؟  والبنتان ترثان الثلثين والثلث الباقي يشترك فيه العصبة من الرجال حتى وإن بلغ عددهم مئة رجل .

إن للمولى سبحانه وتعالى في كل الأحكام الشرعية حِكَما سامية علمها من علمها وجهلها من جهلها , وخفاء هذه الحكم على الناس لا يعيب الشرع , إنما الآفة في الفهم السقيم .

وقد حاول بعض العلماء في العصر الحاضر استنباط بعض الحكم أو تتبع فلسفة توزيع المواريث على هذا النحو  فوجد أن فلسفة الميراث تقوم على أمرين :

الأول : درجة قرابة الوارث من المتوفى , فكلما كان أقرب إليه كان نصيبه أعلى ممن هو أبعد منه .

الثاني : موقع الوارث من حيث استقباله للحياة , فكلما كان الوارث صغيرا مستقبلا للحياة , سوف يتحمل أعباءها كان نصيبه أكبر من كبيرالسن الذي ليس في درجته . أما متى يكون الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين ؟  ففي حالة الاتفاق في درجة القرابة من المتوفى , وكذلك الاتفاق في موقع الجيل الوارث , وبهذا يظهر تهافت تلك الدعوى الباطلة . والله أعلم .