طلاق الزوجة لعدم الإنجاب
بقلم : د / محمد إبراهيم سعد الازهري
إذا لم يرزق الزوج بأولاد فكثيرا ما يفكر في طلاق زوجته وقد يحفزه علي ذلك الأهل فهل يجوز شرعا تطليق الزوجة لعدم الإنجاب ؟
وللإجابة علي هذا نقول : الإنجاب هبة من المولي سبحانه فقضية الإنجاب وعدمه لا يتحكم فيها الرجل وقد اشار الى هذا القرآن الكريم في قوله ـ تعالى ـ:
)لله ملك السموات والارض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء اناثاً ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير(
والأصلفي الطلاق الكراهة، وإنما يباح عند الحاجة، والدليلعلي هذا قوله تعالى في الذين يؤلون من نسائهم، يعني يحلف أنه لا يطئها قال: (فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، ففي الطلاق قال: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وهذا فيه شيء من التهديد، لكن في الفيئة قال: (فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ولقول النبي صلي الله عليه وسلم : (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)
ويباح الطلاقلحاجة الزوج، كما لو كان لا يستطيع الصبر على امرأته، مع أن الله سبحانه وتعالى أشار إلى أن الصبر أولى فقال: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) لكن أحيانا لا يتمكن الإنسان من البقاء مع هذه الزوجة، فإذا احتاج فإنه يباح له أن يطلق،
والدليل قوله تعالى: (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) ، ولأن الذين طلقوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن ينهاهم عنه، ولو كان حراما لمنعهم، ولو كان مكروها لاستفصل منهم، وهذا من حكمة الله عز وجل، وقد كان أعداء المسلمين يطعنون على المسلمين في جواز الطلاق، لأنهم لا يودون أن تحزن المرأة، مع أن هذا هو العيب حقيقة، لأننا نعلم علم اليقين أن الرجل إذا أمسكها على هون، وهو لا يريدها ولا يحبها، يحصل لها من التعاسة شيءٌ لا يطاق، لكن إذا طلقها يرزقها الله (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) ، فكان ما جاء به الإسلام هو الحكمة، والرحمة أيضا، وإلا فإلزام الإنسان بمعاشرة من لا يحب من أصعب الأمور
وإذا كان الطلاق يباح للحاجة ويكره عند عدمها، فلاشك أن الرغبة في الولد من الأمور المقصودة في النكاح، لقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم، فإذا كانت الزوجة عقيما، والزوج غير قادر على زوجة ثانية، أو يخشى من عدم العدل، أو كانت الأولى تأبى البقاء مع وجود زوجة ثانية، فلا حرج عليه في الطلاق، فهذا يعد من الحاجة التي تبيح الطلاق·
وفي إمساك الزوج لزوجته التي لا تنجب ثواب كبير في إعفافها وإحصانها والنفقة والقيام عليها. فإن لم يستطع أن يجمع بينهما مع العدل لسبب ما، فلا حرج عليه في تطليق التي لا تلد، بل قد يكون هو الأولى؛
ويجب على الزوج إن أمسك زوجته، سواء تزوج عليها أم لا، أن يحسن عشرتها؛ لقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ولا يجوز له أن يهضمها حقها أو أن يسيء إليها؛ لكونها لا تنجب. وعلى الزوجة أن تتصبر وترضى بقضاء الله في حالة طلاقها أو زواجه بأخرى، وأن تكثر من دعاء الله عز وجل أن يرضيها وييسر لها الخير.