شبهة اتهام الصحابة بالأخذ عن أهل الكتاب ( توصيفها والرد عليها)
بقلم : د/ محمد عبد الوهاب الراسخ
حاول بعض المستشرقين وأذنابهم من المسلمين أن يتخذوا من تلقى بعض الصحابة عن أهل الكتاب وسيلة للطعن فيهم ، وتصويرهم على أنهم مغفلون يصدقون كل ما يلقى إليهم من أهل الكتاب دون نقد أو تمحيص ، الأمر الذي أدى إلى تسرب الروايات الفاسدة إلى التفسير وغيره ، ومن أقوالهم في ذلك ما ذكره المستشرق اليهودي جولدزيهر في كتابه ، مذاهب التفسير الإسلامي حيث قال: ( وكثيراً ما نجد بين مصادر العلم المفضلة لدى ابن عباس ، اليهودييْن اللذين اعتنقا الإسلام : كعب الأحبار ، وعبد الله بن سلام ) ويقول أبو رية في كتابه / أضواء على السنة المحمدية ما نصه : [ .. وتلقى الصحابة كل ما يلقيه هؤلاء الدهاة – يقصد عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب ابن منبه – بغير نقد أو تمحيص معتبرين أنه صحيح لا ريب فيه ]
والحق أن كل ما ذكر مخالف للواقع ومجانب للصواب ، فالصحابة – رضي الله عنهم – لم يكن عندهم شره في أخذ كل ما عند أهل الكتاب مما لم يتعرض له القرآن ، وإنما كان تعاملهم مع الإسرائيليات يتم وفق الضوابط الآتية :
1 – الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شيء ، ولم يقبلوا منهم كل شيء ، بل كانوا يسألون عن أشياء لا تعدو أن تكون توضيحاً للقصة وبياناً لما أجمله القرآن منها ، مع توقفهم فيما يلقى إليهم ، فلا يحكمون عليه بصدق أو كذب مادام يحتمل كلا الأمرين .
2 – كما أنهم لم يسألوهم عن شيء مما يتعلق بالعقيدة أو يتصل بالأحكام ، اللهم إلا إذا كان على جهة الاستشهاد والتقوية لما جاء به القرآن .
3 – كانوا لا يعدلون عما ثبت عن الرسول صلي الله عليه وسلم إلى سؤال أهل الكتاب .
4 – كانوا لا يسألون عن الأشياء التي يشبه أن يكون السؤال عنها نوعاً من اللهو والعبث ، كالسؤال عن لون كلب أهل الكهف ، والبعض الذي ضرب به القتيل من البقرة.
5 – الصحابة – رضوان الله عليهم – كانوا من أشد الناس نكيراً على الأخذ عن أهل الكتاب بما يخرج عن دائرة الجواز التي حددها رسول اللهـ صلي الله عليه وسلم ـ .
وعلى ذلك ومن خلال ما سبق ، لا ينبغي أن يجعل من تلقي الصحابة للإسرائيليات على الوجه المذكور ذريعة للطعن فيهم ، لأنهم كانوا يزنونها بالميزان الشرعي ، وكان ذلك منهم بعد استقرار أصول الشريعة .