دور مجمع اللغة العربية المصري في خدمة الإسلام والمسلمين

دور مجمع اللغة العربية المصري في خدمة الإسلام والمسلمين

إعداد الدكتور عبد الحافظ حسن العسيلي الأزهري

لنعلم أن اللغة العربية لغة عالمية حية نابضة متجددة كأي كائن حي في الوجود ، صالحة – في استعمالها – لكل زمان ومكان ، ولا غرو في هذا ، فهي لغة القرآن الكريم والإسلام ، لغة منحها الله دون سواها من لغات العالم قاطبة الخلود والبقاء ، فهي محفوظة بحفظ كتابه ما دامت السماوات والأرض ، تصديقاً لقوله – سبحانه –  : ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”

وليدرك الإنسان المسلم أنه كلما تعلم شيئاً جديداً منها ازداد معرفة وإدراكاً لشيء جديد من الدين …

ولأجل الحفاظ على سلامة هذه اللغة وإبقائها فصيحة صحيحة وطيعة لمتطلبات واستعمالات كل عصر وكل بيئة يعيش فيها الإنسان أنشئت المجامع اللغوية في كثير من البلدان العربية كالعراق وسوريا ولبنان والأردن ، ومن بين تلك المجامع اللغوية المجمع القاهري المصري الذي يعد الرائد لكل تلك المجامع بشهادة أهلها ، فقد شهد الجميع بفضله ومكانته ودعوته الدائمة إلى التجدد والابتكار .

وإذا أردنا أن نبرز دور هذا المجمع المصري وأهدافه والقائمين عليه يجدر بنا أن نلقي الضوء على حقيقته وتأسيسه في عجالة .

فالمجمع اسم مكان لموضع الاجتماع ، وهو مؤسسة علمية ثقافية ، يجتمع فيها العلماء الذين وقع عليهم الاختيار ، والذين فازوا بالترشيح ؛ للنظر في العلوم والفنون والآداب من أجل النهوض بها وترقيتها والإسهام في خدمتها .

وهذا المجمع وإن كان حديث النشئة – أي في ثلاثينيات القرن العشرين – بمرسوم ملكي من الملك فاروق الأول بمدينة القاهرة إلا أنه كان عالمي التكوين ، لم يتقيد بجنسية أو بديانة معينة ، فشارك فيه المصري وغيره من العرب والمستشرقين .

ويلاحظ جليا أنه منذ أن أنشئ المجمع القاهري ولعلماء الأزهر الشريف الدور المحوري البارز في المجمع  ، فما أكثر إسهاماتهم ! وما أروع ما سطروه في تراث هذا المجمع ! مما يخدم لغة الضاد التي بها تتضح مفاهيم الكتاب والسنة ، كما تعمل على النطق بهما نطقاً صحيحاً ضبطاً وأداء واستعمالاً .

ومن أشهر هؤلاء العلماء – تمثيلاً لا حصراً – الشيخ حمروش والنجار والخضر حسين ومحيي الدين والفحام ، فهؤلاء كانوا من أعضائه ، كما أن الدكتــور حسين الشافعي من رؤســائه ، بعد أن تولى رئاسته من قبل من غير الأزهريين الأستاذ محمد توفيق رفعت والدكتور طه حسين والدكتور شوقي ضيف وغيرهم .

وبما أن المجمع هذا أنشئ لخدمة اللغة العربية رأيناه يتخذ طرقاً ووسائل لأداء هذه الرسالة قصداً إلى إنماء اللغة وترقيتها والنهوض بها ، وعلينا أن نحدد هذه الوسائل – بإيجاز – ليدرك الدور الذي قام به :

أولها : أقام المجمع كثيراً من المؤتمرات اللغوية والفاعليات الميدانية وغيرها بما يتلاقى وأهدافه الرامية إلى جعل اللغة العربية مثار اهتمام المجتمع الإسلامي على كافة المستويات الأكاديمية والشعبية .

ثانيها : المحافظة على تراثنا القديم ، فقام بتحقيقه ونشره محاولاً التركيز على عملية الإبداع الفني واللغوي ، فأصدر من أجلها جائزة قيمة عرفت باسم جائزة المجمع اللغوي للإبداع ، وهذه الحائزة تعطى للمتفوقين في مجالات العلوم والفنون والآداب .

كما أنه أصدر كثيراً من الكتب والنشرات والمجلات التي بداخلها قراراته وإجازاته فيما يخص استعمالات العربية من ألفاظ وأساليب .

كما أنه أسهم في وضع معجم لغوي جامع لألفاظ القرآن الكريم ، يبين فيه معاني هذه الألفاظ وبيان تطوراتها الدلالية المختلفة مما يدل على أن اللغة العربية بعيدة كل البعد عن الجمود والتحجر ، وأنها لغة متطورة ومتجددة وليس كما يصفها غير المنصفين من الحاقدين الكارهين للعربية والإسلام .

ثالثها : من قبيل إدراك أن اللغة مواكبة للعصر ومتطلبات الحياة نراه قد قام بتعريب كثير من المصطلحات والألفاظ ، فقام بإعداد مشروع سماه : (بنك التسميات) ، إلى غير ذلك من الأهداف والمحاور التي تهدف إلى إذكاء هذه اللغة من أجل خدمة الإسلام والمسلمين .