دور المرأة في بناء الأسرة والمجتمع
إعداد الدكتور عبد الحافظ حسن العسيلي الأزهري
من المعلوم أن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع وعماده ؛ ومن ثم تُعدُّ الأسرة هي النموذج الأمثل لبناء المجتمعات ورقيها ونهوضها .
فمتى قامت الأسرة على أسس قويمة وسليمة استقرت أحوال المجتمع ، وكان مجتمعاً ناجحاً في كل شؤونه وأحواله .
أقول : المرأة هي العمود الفقري للأسرة ومحورها الأساس ، فهي صانعة الرجال العظماء – كما يقولون – وهي الراعية والمسؤولة عن أبنائها مسؤولية ربما تفوق مسؤولية الرجال في ذلك ، فهي الراعي الأول للأولاد .
فالأم ترعى أبناءها وتتعهدهم منذ الطفولة ، نراها تغرس في نفوسهم الحب والاطمئنان والنصح والتوجيه والتقرب إلى الله عز وجل .
هذا ولم يقتصر دورها في محيط الأسرة فحسب بل إنها تقوم بدور أبعد من ذلك ، وهو العمل على الترابط المجتمعي القائم على الترابط الأسري .
فالأم مدرسة وأستاذ الأساتذة كما صرح الشاعر حافظ إبراهيم بذلك في شعره قائلاً :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم أستاذ الأساتذة الألى شغلت مآثرهم مدى الآفاق
فالأم كيان أسرة ومجتمع صالحين .
ولهذه المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة (الأم) وجدنا ديننا الإسلامي الحنيف يكفل لها من التكريم أعظمه ومن المكانة أعلاها ، ويجعل لها ما للرجل من حقوق وواجبات .
ولكي تُنشئ الأم جيلاً يُعدُّ نواة الأمة ومستقبلها عليها أن تأخذ قسطاً مناسباً من التعليم الذي فرضه الله عليها أن تتعلمه ، سواء داخل بيتها – إن كانت ربة منزل – أو في خارجه أعني المدرسة أو الجامعة .
وكلما كانت الأسرة المؤسسة على المنهج الرباني قوية مترابطة يدرك كل فرد فيها كل واجباته ، ما له وما عليه كانت نواة لبناء مجتمع قوي متين يعتز به أبناؤه ، ويبذلون كل نفيس وغالٍ في سبيله .
يقول الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – : ” إن صرح الإسلام قام على تضحيات ثقال ، قامت بها أسر شجاعة ، توصى رجالها ونساءها بالحق والصبر ، وما أحوج الأمة اليوم إلى أسر مؤمنة شجاعة ، تفقه رسالتها ، وتضحي في سبيلها ، ويتواصى الجميع على حمايتها ؛ لتظل قوة تذود عن الأمة ، وتصنع لها حاضراً مشرقاً ومستقبلاً مجيداً “
ومن هنا يظهر لنا أن بناء الأسرة والمجتمع قائم على المرأة (المدرسة) فلنحافظ عليها .
يقول أحد المستشرق: إذا أردت أن تهدم كيان أي مجتمع أو أمة فعليك أن تهدم هذه الأشياء الثلاثة – وذكر من بينها (الأم – المدرسة) ، فإذا اختفت الأم المثالية الواعية فمن أنى يتأتى جيل صالح ونشئ قيم ؟