دعوة الإسلام للقول الحسن مع سائر الناس

دعوة الإسلام للقول الحسن مع سائر الناس

اعداد الطالب: عباس على شاه ماجستير الفلسفة
تحت إشراف: الدكتور/ يوسف مصطفى الأزهري

لا شك في أن حسن المعاملة واجبٌ شرعيّ، يدل على ذلك قول المولى سبحانه وتعالى «..وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً..»، وقول النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، وليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلُق» .

وسيرة رسولنا (صلى الله عليه وآله وسلم) شاهدة على حسن تعامله مع الناس كافة، شهد له بها العدوّ قبل الصديق، ومن ذلك أنه عندما كان في الطريق إلى فتح مكة، ولقيه كفار قريش الذين أذاقوه وأصحابه أشد الأذى، واتهموه (صلى الله عليه وسلم) بالجنون والسحر، فما كان منه (صلى الله عليه وسلم) إلا حسن المعاملة والرفق واللين، وقوله (صلوات ربي وسلامه عليه) «لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (يوسف: 92)، كما جاء ذلك في (زاد المعاد، لابن القيم ــ 3/400)، وهذه العظمة في المعاملة جعلت غير المسلمين يخضعون لها، ويعترفون بسمو خلقه وحسن تعامله (صلى الله عليه وسلم) مع الناس كافة، ويعدُّونه الرجل الأول من عظماء البشرية (كتاب المائة الأوائل، لمايكل هارت، ص21). ونرى بعض المسلمين يرددون عبارة «الدين المعاملة»، ويظنها بعضهم حديثاً نبوياً، وليست هي كذلك، ولكن معناها صحيح باعتبار أن المعاملة الحسنة مع الله والخلق مطلوبتان، وهذا الأسلوب يراد به التأكيد على الأهمية كقوله (عليه الصلاة والسلام): «الدين النصيحة» (رواه مسلم، كتاب الإيمان، رقم 205). إن من أهمِّ الأخلاق التي يجب أنْ يتَّصِف بها الموظف والعامل وصاحب العمل «حسن التعامل مع الآخرين»، وهي صفة جامعة للعديد من الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها كل منا في عمله، من بشاشة واهتمام بالآخرين، واحترام للزملاء والمراجعين، وتقديم النصح، وحب الخير، وحسن المعاشرة مع الجميع. وحسن المعاملة يحتاجه الموظف مع رؤسائه وزملائه ومرؤوسيه، وكذلك المراجعين، وكل من يتعامل معهم؛ فالرؤساء والمديرون في العمل لهم حق المعاملة الحسنة؛ لأنهم أقدر وأكثر خبرةً في العمل غالباً، وحسن التعامل معهم يظهر في تنفيذ رغباتهم وتعليماتهم، ويجب على الموظف إحسان الظنّ بهم، وحسن التعامل معهم، فإذا سادت تلك الروح الإيجابية في العلاقة بين الرئيس والموظفين انعكس ذلك تلقائياً على كسر الروتين الوظيفي، وإشاعة روح المحبة والألفة في العمل. والمرؤوسون لهم حق المعاملة الحسنة؛ لأنهم مساعدون للرئيس والمدير في عمله، فلولاهم ما استطاع الرئيس أن ينجز مهامه، ومن المنطقي أن يكون الرئيس والمدير قدوةً لموظفيه ومرؤوسيه في التعامل الحسن، فإذا كان يتعامل معهم بالملاطفة والتبسم وترك التكلُّف، وتسهيل المهمات، والتغاضي عن الهفوات، والصدق والعدل، فإنهم سيكونون كذلك مع بعضهم، ومع غيرهم، بل سيظهر مردود ذلك في عملهم وإنتاجهم في حسن معاملتهم لمراجعيهم. والمراجعون لهم حق المعاملة الحسنة؛ لأنهم المقياس الذي يقاس به نجاح المؤسسة أو الشركة، فانطباعهم عن المؤسسة أو المصلحة يعكس رأيهم في تعامل موظفيها، ولأنهم أصحاب حاجة، فإن لم تستطع أن تقضي لهم حاجتهم فلا أقلّ من أن ينصرفوا مسرورين بما وجدوه منك من حسن التعامل.

 إن حسن التعامل مع الآخرين هو المفتاح السحري الذي تستطيع من خلاله ـــ كموظف أو قيادي ـــ أن تكسب قلوب من حولك، مع أن ذلك لا يكلِّف شيئاً كثيراً، ولكن آثاره عظيمة جدّاً على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع.