حسن الجوار في الإسلام
بقلم : د/عبد الرحمن حماد الأزهري
لقد أوصى الإسلام الحنيف بالإحسان إلي الجار وتجنب إيذائه ، وقد جاء ذكر الجار في القرآن الكريم للتأكيد علي أهميته في شريعة لإسلام الغراء، حيث يقول الله تعالي : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا و بالوالدين إحسانا وبذي القربى و اليتامى و المساكين والجار ذي القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب …) كما أن الوصية بالجار جاءت علي لسان رسول الله صلي الله عليه و سلم في الحديث الشريف : ( مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )، ومن تلك الحقوق الواجبة نحو الجار إلقاء السلام عليه لما في ذالك من تقريب للقلوب ، و زيادة للود و المحبة ، و زيارته إذا مرض و تفقده إذا غاب ، و ستر عيوبه ، وتقديم النصيحة له ، و عدم إيذائه بالقول أو بالفعل ، ودعوته في المناسبات وزيارته و تهنئته في الأعياد ، وأن يتمني الخير للجار كما يتمناه لنفسه ، و هذه الحقوق تكون للجار بغض النظر عن دينه أو جنسه ، و لقد بيّن الرسول صلى الله عليه و سلم مراتب الجار فقال :” الجيران ثلاثة ، جار له حق واحد ، و جار له حقان ، و جار لو ثلاثة حقوق ” ، فالجار الذي له حق واحد هو الجار غير المسلم له حق الجوار، و الذي له حقان فهو الجار المسلم ،له حق الإسلام و حق الجوار ، و أما الجار الذي له ثلاثة حقوق فهو الجار المسلم ذو القرابة ، و لقد وردت أحاديث كثيرة تحث علي الإحسان إلي الجار و عدم إيذائه منها قولة صلي الله عليه وسلم ” من كان يؤمن بالله و اليوم الأخر فليحسن إلي جارة ” و منها ..” من كان يؤمن بالله و اليوم الأخر فلا يؤذى جارة ” ،و لقد جعل رسول الله صلي الله عليه و سلم الإحسان إلي الجار من علامات الإيمان ، فقد ذكر الصحابة لرسول الله صلي الله عليه وسلم امرأة كانت تقوم الليل و تصوم النهار و تكثر من الصدقة غير أنها كانت تؤذى جيرانها فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم ..”لا خير فيها ، هي من أهل النار ” ، فقالوا يا رسول الله و فلانة تصلي المكتوبة ، و تتصدق بفضل طعامها و لا تؤذى أحدا ؟ ، فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم :” هي من أهل الجنة ” ، و لقد نفي رسول الله صلي الله عليه وسلم الإيمان عن الشخص دائم الإيذاء لجاره فقال :” و الله لا يؤمن ، و الله لا يؤمن ، و الله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ” ، و لا شك أن المجتمع القائم علي حسن التعامل تسوده الوحدة و التماسك بين أفراده ، ولعل من فضائل الإحسان إلي الجار أن الله تعالي يقبل شفاعته في جاره بعد وفاته ، قال صلي الله عليه و سلم : “ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأدنيين إلا قال الله تعالي :قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون ” .