حج المرأة بغير محرم في الواقع المعاصر
بقلم : دكتور / محمد إبراهيم سعد الأزهري
إن الاطمئنان إلى أن للشريعة مقاصد وغايات، وللأحكام عللا هو السبيل لتحقيق خلود أحكام الشرع وتطبيقها في واقع متغير، من غير حرج ولا تضييق على العباد، وهذا يدفعنا إلى القول بحج المرأة بغير محرم، وذلك لاعتبارين:
الأول: أن العلة في اشتراط رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرم هو غياب الأمن وخشية الفتنة ومظنة الخلوة بالأجنبي كما في الحديث: “سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول:”لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم“. فقام رجل فقال: “يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا”، قال: “انطلق فحج مع امرأتك” [مسلم 2391 ]. ولعل الحديث يبين قيمة المحرم والغاية من وجوده والمتمثلة في سد ذريعة الخلوة برجل.
واليوم، يتم الحج عبر مجموعات ووفود تحفظ للإنسان كرامته وعرضه وحرمته، منذ أن يخرج من بيته حتى يعود إليه، رجلا كان أو امرأة. أما الخلوة في هذه الحالة صعب تحققها إلا لمن قصدها وخطط لها عن سبق. وأما الأمان فتقدم الحياة المعاصرة جعله متوفرا وبطريقة يرتاح لها، خاصة أن أجهزة الأمن تضمن للحاج والمسافر السلامة منذ أن يخرج من بلده حتى يعود إليها.
الثاني: إن اشتراط المحرم للمرأة في الحج يضيق من حدود الاستطاعة؛ ذلك أن عوض نفقة حج المرأة نكون أمام نفقتين (للمرأة والرجل). وهذا من الأمور التي يتعذر توفرها لغالبية الناس اليوم، خاصة مع غلاء الأسعار وبعد المسافات وغير ذلك.