تكريم المرأة بين الإسلام والديانات الأخرى
بقلم : دكتور /عبد الرحمن حماد الأزهري
اتصف الإسلام الحنيف في عموم تشريعاته بالعدل و الإنصاف ، وليس من المبالغة القول بأنه لا يوجد دين أنصف المرأة و كرَّمها كدين الإسلام ، فالإسلام أحياها من العدم ، وأنقذها من الرِّق و العبودية ، وحررها من الظلم و الاستعباد ،وعاملها بما يليق بكرامة الإنسان ، فرفع منزلتها ومكانتها في الدنيا والآخرة ، كما أن الإسلام أنقذ المرأة من ظلم المجتمع وعاملها بإجلال واحترام ، و أعطاها حق الحياة بعد أن كانت تقتل حية ،كما أعطاها الإسلام حق الميراث بعد الحرمان ، و حق التعليم و طلب العلم ، وإذا أردنا أن نقف علي تكريم الإسلام للمرأة ، فلنلقي نظرة سريعة علي مكانة المرأة في الديانات الأخرى ، فمثلا اليهود و النصارى قوم عنصريون عموماً ، ولقد ورد هذا في القرآن الكريم في قولة تعالي :”وقالت اليهود و النصارى نحن أبناء الله وأحباؤه …” ، و تتضح عنصرية اليهود ضد المرأة خصوصا بما ورد في العهد القديم :” ما خلقت المرأة إلا لخدمة الرجل ” ، وأما النصارى فيستبعدون المرأة من حياة الأتقياء عموما ، فقد ورد في الإنجيل :” المرأة تخايل الرجل ، و ينبغي ألا تكون في حياة الأتقياء “، ومن هنا ابتدع النصارى الرهبانية كما ورد في القرآن الكريم :” ورهبانية ابتدعوها ” ، ومن هنا استبعد الرهبان المرأة من حياتهم بعدم الزواج منها ، ولقد تأثر المجتمع الجاهلي بهذه الأشياء و بغيرها من الأعراف الخاطئة عند بعض القبائل العربية ،فكانت البنت تقتل حيَّة ، لا لجريمة إلا أنها أنثي ، و لقد سطر القرآن الكريم هذا في قولة تعالي : ” و إذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ” ، و قوله تعالي :” وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت “، وإذا نجت المرأة من القتل في المجتمع الجاهلي وذاقت طعم الحياة كانت تورَّث كالمتاع ، ولقد نهي القرآن الكريم عن ذلك في قوله تعالي : ” يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها …”، ولقد تأثرت بعض النِّحل الوضعية بهذا الهوان الذي لحق بالمرأة ، ففي البرهمية مثلا كانت المرأة تحرِق نفسها عقب وفاة زوجها ، فلا قيمة لحياتها بعد وفاته حسب زعمهم ، أما الإسلام الحنيف فقد كرَّم المرأة منذ بدء الخليقة ، قال الله تعالي :” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا ونساء …”، فلقد سوى الإسلام بين الرجل و المرأة في المادة التي خُلِقا منها ، وقال الرسول صلي الله عليه وسلم في هذا المعني :” النساء شقائق الرجال “، ويعدُّ التكريم الحقيقي للمرأة في أن جعلها الإسلام مساوية للرجل في الحقوق و الواجبات فيقول الله تعالي :” فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثي بعضكم من بعض …”، ولقد كرم الإسلام المرأة أُمَّا فقال صلي الله عليه و سلم عندما سئل من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك، (كررها ثلاثاً) ، قال :ثم من ؟ قال: أبوك ، كما كرم الإسلام المرأة زوجة فمنحها حق اختيار زوجها ، وهذا من حريتها ،فقد روى البخاري ” إذا زوج الرجل ابنته وهي كارهة ، نكاحها مردود ” ، وروى مهاجر بن عكرمة :” أن بِكراً أنكحها أبوها وهي كارهة ، فجاءت النبي صلي الله علية وسلم فرد إليها أمرها ” ، فهل بعد هذا التكريم لحرية المرأة وامتلاكها لأمرها من تكريم ، بل إن الإسلام كافأ المرأة التي تطيع زوجها بالجنة ، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ” إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، و أطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ” ، ولقد كرَّم الإسلام المرأة بنتاً ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :” من ابتلي من هذه البنات بشيء كُنَّ له سِتراً من النار ” وبهذه الآثار الكريمة نجد أن الإسلام كرَّم المرأة وأنصفها ، ورفع منزلتها ، وجعلها مساوية للرجل في الحقوق والواجبات ،وهذا ما لم تنله المرأة في أي دين آخر.