تعامل الرسول (صلي الله عليه وسلم ) مع خدمه

تعامل الرسول (صلي الله عليه وسلم ) مع خدمه

بقلم : د/ محمد عبدالعزيز خضر الأزهري

أعز الإسلام الخدم ورعاهم وكرمهم،واعترف بحقوقهم لأول مرة فى التاريخ ،بعد أن كان العمل فى بعض الشرائع القديمة معناه الرق والتبعية ، وفى البعض الأخر معناه المذلة والهوان ، قاصدا- بذلك – العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم ، لقد كانت سيرة رسول الله  (صلي الله عليه وسلم )خير شاهد على عظمة النظرة الإسلامية للخدم والعمال ، وكانت إقرارا من رسول الله ،  فقد دعا رسول الله  (صلي الله عليه وسلم )   أصحاب الأعمال إلى معاملتهم معاملة إنسانية كريمة وإلى الشفقة عليهم والبر بهم ، وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال ، فقال -علية الصلاة والسلام-:”  إخوانكم خولكم – أي :خدمكم -جعلهم  الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده ، فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم”  فجاء تصريح رسول الله  (صلي الله عليه وسلم )   “إخوانكم خولكم” ليرتفع بدرجة العامل الخادم إلى درجة الأخ، ولتصبح هذه الضوابط العامة التى توفر الحياة الكريمة لبنى الإنسان عموما ، وألزم – كذلك –صاحب العمل أن يوفى للعامل والخادم أجره المكافئ لجهده دون ظلم أو مماطلة ،فقال  (صلي الله عليه وسلم )    -:”أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ”  ولأن حياة رسول الله  (صلي الله عليه وسلم )     كانت تطبيقا لكل أقواله ، فإن السيدة عائشة – رضى الله عنها – تروى فتقول :”ما ضرب رسول الله  (صلي الله عليه وسلم )    شيئا بيده  ولا امرأة ولا خادما” .                                                                                            وهذا أنس بن مالك –  رضى الله عنه – خادم رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) ، يشهد شهادة حق وصدق فيقول : كان رسول الله   (صلي الله عليه وسلم )  أحسن  الناس خلقا ، فأرسلنى يوما لحاجة ، فقلت والله لا أذهب  – وفى نفسى أن أذهب  لما أمرنى  به نبى الله   (صلي الله عليه وسلم ) – قال:فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون فى السوق ، فإذا برسول الله    (صلي الله عليه وسلم )   قابض بقفاى من ورائى ، فنظرت إليه وهو يضحك ، فقال:” يا أنيس  ، اذهب حيث أمرتك ” فقلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله ، قال أنس : والله لقد خدمته عشر سنين ما علمت  قال لى لشئ صنعت ، لم فعلت كذا وكذا ؟ ولا لشئ تركت : هلا فعلت كذا وكذا  ”                                                                        

وقد امتدت رحمة رسول الله  (صلي الله عليه وسلم  ) –  بخدمه لتشمل غير المؤمنين به أصلا ،وذلك كما فعل مع الغلام اليهودي الذى كان يعمل عنده خادما ، فقد مرض الغلام مرضا شديدا ،فظل النبى  (صلي الله عليه وسلم  )  – يزوره ويتعهده ، حتى إذا شارف على الموت عاده وجلس عند رأسه ، ثم دعاه إلى الإسلام ، فنظر الغلام إلى أبيه متسائلا ، فقال له أبوه أطع أبا القاسم ، فأسلم ثم فاضت روحه ، فخرج النبى  (صلي الله عليه وسلم  )     من عنده وهو يقول : “الحمد لله الذى أنقذه بى من النار” .  هذه بعض حقوق الخدم والعمال التى أصلها رسول الله بالقول والعمل فى زمن لم يكن يعرف غير الظلم والقهر ولاستبداد .