بناء الأوطان من الإيمان (بناء الوطن خارجيا)

بناء الأوطان من الإيمان

بقلم : د/ محمدي عبد البصير حضيري
( بناء الوطن خارجيا)
( بناء الوطن خارجيا)

ترجع أهمية هذا المصطلح إلى ما يترتّب عليه من سلبيات وإيجابيات، بما يعني درأ المفسدة وجلب المصلحة، وفي المقدمة دفع المخاطر عن الوطن وسلامة حدوده وأفراده، وعلى الجانب الآخر العلاقات الدولية البناءة والتواصل مع الثقافات والشعوب، وكذلك المنافع الإقتصادية والعلمية وتبادل الأفكار والتعاون المشترك لإظهار الجوانب المشرقة لدى الشعوب بما يخدم قضايا العدل والمساواة على المستوى الدولي والعالمي، وهذا مطلب إسلامي قرره القرآن الكريم في السياسة الخارجية للوطن عندما عرض علينا فكر قائد عظيم هو ذو القرنين فيما يتصل في علاقته بأوطان الآخرين فكان التبادل المعرفي والاستعانة بالخبرات التي تحقق أمن الوطن وسلامة أراضيه وأفراده ضد المعتدين يقول تعالى: “قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا” ولم يتأخر هذا القائد عن تقديم المساعدة لمن يطلبها قائلا: “ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما” وهذا يؤكد أهمية بناء الوطن خارجيا ليقوم بدوره العالمي، ومن الوسائل التي تحقق ذلك، الفكر السياسي الصحيح ومدى تعاونه مع الآخرين بما يحقق مصالح الأوطان، من اختيار السفراء الذين يملكون القدرات التي تؤهلهم بالقيام بدور الوطن خارجيا، وكذلك معرفة نوع هذه العلاقة وما يترتب عليها من آثار وما يرتبط بها من أهداف ونتائج تتصل بحاجة الوطن، وبادئ ذي بدء أقول إن الإسلام لا يقف حجر عثرة في طريق العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تحقق منافع الوطن إلا إذا ترتب عليها ما يخالف قوانين الوطن وثقافة شعبه، أما ما دون ذلك فهو من طبائع الأمور التي لا غنى للبشر عنها، وهناك من الشواهد الشرعية على ذلك الكثير والكثير ولكنها تحتاج إلى فقه الماضي وقراءة الحاضر في ظل رسالة الإسلام وعالميته فقد أرسل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- المسلمين إلى الحبشة، وهذا نموذج للإتفاقيات الأمنية بين الدول وحق اللجوء السياسي عندما تقتضي المصلحة ذلك، كما أننا على ذكر برسائله التي بعث بها رسله وسفراءه إلى ملوك وأمراء العالم في عصره الذي كان يعيش فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حيث مصر والروم وفارس ودومة الجندل واليمن وغير ذلك، وقد عالج القرآن الكريم كثيرا من هذه الجوانب في توجيهاته عندما عرض لعلاقة الوطن والمملكة التي كان يقوم عليها نبي الله سليمان –عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- بالدول الأخرى التي كانت في زمنه وخصوصا ممكلة سبأ مبينا كثيرا من الجوانب التي تشرح أثر الاستقرار والبناء الداخلي للوطن على البناء الخارجي ومدى تأثير قوة الوطن الاجتماعية والاقتصادية والفكرية في المجال الخارجي وكيف تستثمر لصالح الفكر والقيم الإنسانية المشتركة بين الأفراد والشعوب، وعلى رأسها قضايا الحق والعدل والحرية والمساواة كما أشار القرآن الكريم إلى أهمية العلاقات الدولية عندما جاءت سورة من سوره الكريمة تحمل اسم “سورة الروم”، وعندما تحدث عن حضارات مختلفة وأنظمة متعددة من الشرق والغرب وربطها بالمسلمين ليجمع بين الماضي والحاضر، وما كان عرضه لرحلة الشتاء والصيف إلا بيانا لأهمية البناء الداخلي والخارجي للوطن في الأمن والاستقرار، وأن حاجة الشعوب إلى ذلك ضرورية، فالإنسان مدني بطبعه، والمؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

ولدينا صفحات مشرقة في التاريخ والفكر الإسلامي كانت هي الأساس في نهضة المسلمين وبناء حضارتهم، كما كانت نورا لأوروبا على طريق بناء حضارتها ونهضتها الحديثة، وهذا ما نجده في مؤلفات الأثبات من علماء الإسلام “الإمامة والسياسة” لابن قتيبة و “الأموال” لأبي يوسف القاضي، وأبي عبيدة و”المبسوط” للسرخسي  و”السياسة الشرعية” لابن تيمية و”الأحكام السلطانية” للماوردي و”التراتيب الإدارية” للكتاني،وغيرها كثير من المصادر التي تعطي أهمية بالغة لبناء الوطن داخليا وخارجيا.

والحمد لله رب العالمين