الشيخ / محمد عبد الله دراز
بقلم : الدكتور / محمد عبدالعزيز خضرالأزهري
من العلماء الأفذاذ الذين أنجبهم الأزهر الشريف والذين نرجومن شبابنا أن يتخذوهم قدوة يقتدون بهم ونبراسا يستضيفون بأفكاره فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد عبدالله دراز‘ ولد -رحمه الله – فى قرية محلة دياى 1894م لأسرة علمية عريقة ‘ فوالده هو العلامة الشيخ عبدالله دراز الفقية الأصولى اللغوى المعروف الذى حقق كتاب “الموافقات ” للإمام الشاطبى وعلق علية ، وهو أحد تلاميذ الإمام الشيخ محمد عبده – رحمهما الله-
درس العلامة الشيخ محمد عبدالله دراز بالأزهر وحصل منه على الشهادة العالمية عام 1916م ثم عين فيه مدرسا فأستاذا للتفسير بكلية أصول الدين ،ثم تعلم اللغة الفرنسية بمجهوده الخاص ‘ ثم سافر فى منحة دراسية إلى جامعة السربون بفرنسا عام 1936م فنال منها درجة الدكتوراة فى فلسفة الأديان بمرتبة الشرف الأولى 1947 م ولم تنل الدراسة فى السربون والإحتكاك بالمستشرقين من أزهريته واعتزازه بثقافته وتراثه
خلف الشيخ دراز تراسا فكريا راقيا شمل العديد من المؤلفات ‘منها كتابه “دستور الأخلاق فى القرآن الكريم” الذى تجاوز الثمانمائة صفحة وكتابه “الدين ” وكتابه “الميزان بين السنة والبدعة وغير ذلك وأهم كتبه كتاب ” النبأالعظيم “الذى أشاد به العديد من العلماء والمفكرين
كان الشيخ دراز –رحمه الله – إماما من أئمة الوسطية الإسلامية السمحة ‘ وقد تجلت وسطيته فى تناوله لعديد من الثنائيات الكبرى التى حيرت الفكر الإسلامى واستنفزته ، وهى : العقل والنقل ‘ والسنة والبدعة ، والجبر والإختيار ‘ والسلم والحرب ، العلم والدين ، الخلق والقانون إلخ ، ولا يكاد عمل من أعماله يخلومن نظرات تجديدية ثاقبة ، ويتجلى تجديده فى علوم القرآن من خلال المنهج الذى اتبعه وقد ظل الشيخ دراز – رحمه الله – متمسكا بقلمه حتى انتقل إلى جوار ربه أثناء انعقاد مؤتمر الأديان بمدينة “لاهور ” الباكستانية فى يناير 1958 م إذ لم يمهله الأجل أن يلقى بحثه الأخير أمام المؤتمرين فأحدث رحيله دويا هائلا وفراغا معرفيا مازال شاغرا ، وقد كتب عنه رفيق رحلته إلى المؤتمر الإسلامى بمدينة “لاهور ” فضيلة العلامة الشيخ محمد أبو زهرة فقال:” كان يؤمنا فى صلاة العشاء ، ثم يأوى كل منا إلى فراشه ، ويأوى هو إلى صلاته وقرآنه ، وكنت لا تراه إلا قارئا للقرآن أو مصليا ” رحم الله الشيخ محمد عبدالله دراز وعوض المسلمين عنه خيرا