الشيخ المراغي ودعوته للإصلاح والتجديد
بقلم : دكتور / يوسف مصطفي الأزهري
يعد الشيخ محمد مصطفي المراغي قيمة علمية ودينية كبيرة تستحق منا جميعا الاحتفاء والتذكير بالدور الذي لعبه الشيخ المراغي في حياتنا الفكرية والدينية في النصف الأول من القرن العشرين ، فأمتنا الإسلامية في أشد الحاجة بين حين وآخر إلي تنشيط ذاكرتها ، وتعريف الأجيال الناشئة والقادمة بسير أعلامها في جميع المجالات لحفز الهمم وتقوية العزائم ، وتواصلا مع الأجيال وسلوكا على نفس الدرب من أجل خير الوطن والمواطنين
فقد عرفت الساحة الفكرية والدينية في مصر في النصف الأول من القرن العشرين الشيخ المراغي بوصفه أحد العلماء الكبار، كما عرفته مصلحا اجتماعيا كبيرا ووطنيا غيورا دعا لإصلاح الأزهر ليكون منارة وقلعة للإسلام والمسلمين ، كما دعا لإصلاح القضاء والتقريب بين المذاهب الإسلامية وطوائف المسلمين المختلفة .
وقد كان هدفه من إصلاح القضاء تحقيق العدل والإصلاح بين الناس .
وقد اتخذ الشيخ المراغي أسلوبا جديدا مع المتقاضيين حيث كان يحاول أن يوفق بينهما دون اللجوء إلي التقاضي كما كان يري أن القاضي يستمد أحكامه وحكمه من كتاب الله تعالي ومن سنة نبيه صلي الله عليه وسلم فهما المصدران لحكمه ولا سلطان لأحد عليه إلا ضميره
ومن منطلق هذا يستطيع القاضي أن يؤدي حكمه علي الوجه الأكمل فينشر العدالة بين الناس دون مراعاة لأحد .
كما كان يهدف إلي إصلاح قانون القضاء ذاته لإنصاف القاضي نفسه فقام بتشكيل لجنة برئاستة تكون مهمتها إعداد قانون يكونه هو
الركيزة الأساسية للأحوال الشخصية في مصر كما أن علي القاضي عدم التقيد بمذهب معين لتحقيق مصالح الناس .
ومن أهدافه واتجاهاته الفكرية إصلاح الأزهر حيث أسس كلية اللغة العربية وكلية أصول الدين وكلية الشريعة والقانون .
وشكل لجان للفتوى داخل الجامع الأزهر تتكون من كبار علمائه كما دعي إلي التقريب بين المذاهب الفقهية المختلفة من أجل التيسير علي الناس .
ومن مواقفه المشرفة رفضه الاستجابة لطلب الملك فاروق ملك مصر والخاص بإصدار فتوى تحرم زواج الأميرة فريدة طليقته من أي شخص آخر بعد طلاقها ، فرفض الشيخ المراغي الاستجابة لطلب الملك فاروق ، فأرسل الملك فاروق بعض حاشيته لكي يلحوا عليه لإصدار هذه الفتوى ، فرفض الشيخ المراغي
ولما اشتد عليه المرض دخل مستشفي المواساة بالإسكندرية زاره الملك فاروق للاطمئنان عليه من ناحية ، وللإلحاح عليه مرة ثانية لإصدار الفتوى ، فصاح الإمام المراغي برغم ما كان يعانيه من شدة الألم بسبب المرض قائلا : ـ ” أما الطلاق فلا أرضاه ، وأما التحريم بالزواج فلا أملكه ، إن المراغي لا يستطيع أن يحرم ما أحل الله .