الرسول صلي الله عليه وسلم في بيته

الرسول صلي الله عليه وسلم في بيته

تعامله صلي الله عليه وسلم مع أولاده وأحفاده
بقلم :دكتور محمد عبدالعزیز خضر الأزهري

لشخصية الرسول صلي الله عليه وسلم جوانب متعددة ، منها ما يتعلق بكونه قائدا ، ومنها ما يتعلق بكونه داعية ومصلحا  ،ومنها ما يتعلق بكونه مربيا …إلى غير ذلك من جوانب شخصيته  صلي الله عليه وسلم – وفى هذه المقالات سنتكلم – بمشيئة الله – عن جانب مهم من شخصية النبي (صلي الله عليه وسلم )   وهو  الجانب الأسرى فى حياة النبي صلي الله عليه وسلم أو الرسول  صلي الله عليه وسلم  في بيته. وهذا الجانب يتناول تعامله  صلي الله عليه وسلم مع أولاده وأحفاده   ،وتعامله   صلي الله عليه وسلم  مع أزواجه ، كما يتناول تعامله مع خدمه.                                 

وفى هذا المقال سأتكلم  – بمشيئة الله – عن تعامله  صلي الله عليه وسلم  مع أولاده وأحفاده .                               

لقد كان صلي الله عليه وسلم  أبا رحيما، وجدا عطوفا كريما، تعجز الكلمات عن احتواء كل معاني الرحمة والعطف والكرم فى حياته  صلي الله عليه وسلم   فتظل رواية الوقائع هي المادة التي يستطيع الكاتب أن يضعها بين يدي القارئ ، ويترك له حرية التحليق بفكره وعقله عله يدرك ما تعنيه أو ترمى إليه ، قال ابن القيم – وهو يتحدث عن إبراهيم ابن النبي صلي الله عليه وسلم  وولادته – : وبشره به أبو رافع مولاه فوهب له عبدا .إن أول مراحل التعبير عن سعادة الأب هي فرحه بقدوم مولوده،وهذه الفرحة بقدوم  المولود تمثلت فى مكافأة المبشر بعبد ، والعبد يومئذ قيمة كبيرة ، فيها بعض التعبير عن سروره صلي الله عليه وسلم   وهل كان هذا المسلك منه  صلي الله عليه وسلم    فى حق إبراهيم خاصة ؟  ما نعتقد ذلك، وإنما لم يذكر التاريخ  شيئا عن  مسلكه   صلي الله عليه وسلم   بشأن أولاده السابقين ،لأن ولادتهم كانت بمكة وقبل النبوة ، ومن كانت ولادته بعدها – كعبد الله – فإن   ظروف مكة ما كانت تسمح بنقل مثل هذه المشاعر ، فقد كان الصحابة فى ظروف صعبة ، مما لم يتح لهم أن   ينقلوا لنا تصرفاته  صلي الله عليه وسلم   يومئذبل إننا نكاد نجزم بأن فرحه بأولاده الآخرين ربما كان أكثر من ذلك ، فأمهم هى خديجة – رضى الله عنها- أحب زوجاته إليه   صلي الله عليه وسلم   بينما أم إبراهيم هى  سريته مارية القبطية. وقد كان  صلي الله عليه وسلم   شغوفا بأولاده فىي صغرهم ، فقد كان يذهب إلى العوالى- والعوالى مكان على بعد ثلاثة أميال  من المدينة – ليزور ابنه إبراهيم ، فيقبله ويشمه ثم يعود . وكان  صلي الله عليه وسلم يكرم بناته ، يروى أبو داود والترمذي عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلي الله عليه وسلم   كان إذا دخلت عليه فاطمة يقوم لها ويقبلها ، ويجلسها عن يمينه ، وربما بسط لها ثوبه .                     

أما تعامله  صلي الله عليه وسلم مع أحفاده فكان صلي الله عليه وسلم   حفيا بهم ، ينقل لنا أبو هريرة –رضي الله عنه- فيما يرويه البخاري ومسلم عنه – ذلك فيقول : خرج النبى  صلي الله عليه وسلم   فى طائفة النهار ، لا يكلمني ولا أكلمه ، حتى أتى سوق بنى قينقاع فجلس بفناء بيت فاطمة ، فقال “أثم لكع ، أثم لكع ..  – والمراد باللكع هنا الصغير – فحبسته شيئا ، فظننت أنها تلبسه سخابا – قلادة من القرنفل – أوتغسله فجاء يشتدّ حتى عانقه وقبله ،وقال :”اللهم أحبه ، وأحب من يحبه ” وهكذا يذهب صلي الله عليه وسلم   إلى بيت فاطمة ليس له قصد سوى تقبيل الحسن ومعانقته ، وقد كان هذا مسلكه  صلي الله عليه وسلم   في مجالسه الخاصة والعامة ، ففي الصحيحين أنه  صلي الله عليه وسلم   قبل الحسن بن على يوما وكان عنده الأقرع بن حابس التميمي ، فقال الأقرع :  إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا ، فنظر إليه رسول الله  صلي الله عليه وسلم   ثم قال : ” من لا يرحم لا يرحم ” .               

وجاء أعرابي إلى النبي صلي الله عليه وسلم   فقال : تقبلون الصبيان ؟ فما نقبلهم ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم   -: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة “

إن حب الأحفاد وتقبيلهم  دليل على الرحمة في القلوب ، والطفل يحب المداعبة ، وهى ضرورية لاستكمال بنائه النفسي والجسمي ، وهذا البراء ينقل لنا صورة من صور الكمال الإنساني ، فيقول : رأيت النبي صلي الله عليه وسلم   والحسن  بن  على علي عاتقه .                                                                                 

ودخل الحسن المسجد ، والنبي صلي الله عليه وسلم    قد سجد ، فركب على ظهره  فأبطأ  صلي الله عليه وسلم   في سجوده ، حتى نزل الحسن ، فلما فرغ قال له بعض أصحابه: يا رسول الله ، لقد أطلت سجودك ، فقال ” إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله .                                                      

 تلك صورة من صور التعامل مع  الأحفاد سجلتها السنة النبوية المطهرة لتكون السبيل الذي يسير المسلمون فيه متتبعين أثار الخطى الكريمة وبالله التوفيق .