“الرد على شبهات المستشرقين حول جمع القرآن الكريم ونسخه “
بقلم : دكتور/ عبدالرحمن حماد الأزهري
نزل القرآن الكريم وهو كتاب الله تعالى على الرسول الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – على امتداد 23 عاماً، حيث كان ينزل متفرقاً، فبعض الآيات القرآنية نزلت بسبب والبعض الآخر نزل بدون سبب على قلب الرسول الأعظم وذلك مثل آيات الفروض والأحكام وغيرها، وخلال فترة نزول القرآن العظيم كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد أوكل مهمة كتابة القرآن على الأدوات القديمة التي كانت متوفرة في ذلك الوقت إلى بعض الصحابة الكرام والذين اشتهروا بفطنتهم العالية وذكائهم الحاد وأمانتهم وأخلاقهم الرفيعة، ومنهم عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهم -. وعندما توفي الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان القرآن مدوناً على الرقاع والعسب واللخاف وما إلى ذلك من الأدوات التي كانت تستخدم للتدوين بشكل كبير في ذاك الوقت، ولكنه لم يكون مجموعاً بل كان مفرقاً عند الصحابة في رقاع أو في الصدور عن طريق الحفظ والاستظهار، ويرجع السبب في ذلك إلى أن كتاب الله لم ينزل دفعة واحدة ولكنه نزل متفرقاً، ومن هنا كانت عملية جمعه مباشرة غير مجدية لأن ترتيب الآيات الكريمات كانت تنزل تباعاً ولكان ذلك سبباً في أن تستمر عملية التغيير والتبديل في ترتيب الآيات وهذا أمر شاق جداً، ولكن بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اكتمل نزول كتاب الله، كما أن وفاة الرسول أعقبتها وقائع حروب الردة والتي استشهد فيها جمع غفير من الصحابة حفاظ القرآن الكريم مما سبب قلقاً لعمر بن الخطاب الذي ظل وراء أبي بكر الصديق حتى أمر زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم ،ويجب الانتباه إلى أن ترتيب الآيات وترتيب السور وأسماء السور كله من عند الله تعالى وليس لأحد فيه اجتهاد، وقد انتقل إلى الصحابة الكرام عن طريق الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم – عن طريق جبريل الأمين – عليه السلام -، فكل ما يتعلق بكتاب الله هو من عند الله. أما المرحلة الثانية من مراحل جمع القرآن الكريم وهي ما تم في عهد ذي النورين عثمان بن عفان – رضي الله عنه -، ففي زمن عثمان دخل غير العرب إلى الإسلام بكثرة ، حتى أصبحت وجوه القراءة متعددة، فخاف عثمان على القرآن من حدوث تغير في طريقة قراءته ولفظ كلماته وحروفه وبالتالي قد يتبدل المعنى، فأمر زيد بن ثابت مرة أخرى ومعه عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث وأخيراً سعيد بن العاص، حيث قاموا بنسخ المصحف وتوحيده على قراءة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ونطقه للكلمات، ومن هنا نفذ بعض المستشرقين لعدم فهمهم تلك المراحل التي ذكرناها سابقا منذ نزول الوحي على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم جمعه في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بهدف عدم ضياع وذهاب بعضآيات القرآن بموت الحفاظ ،ثم كانت المرحلة الثالثة وهي نسخ القرآن الكريم في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه بهدف آخر وهو صون القرآن من اللحن والخطأ بعدما دخل الأعاجم في الإسلام ،وكذلك للقضاء على الاختلاف بين بعض الأمصار في قراءة القرآن الكريم ،ولذلك أراد بعض المستشرقين الدخول بشبهة تشكيك المسلمين في كتابهم الخالد عن طريق قولهم مسميات مختلفة طبقاً لمراحل جمع وتدوين القرآن الكريم مثل قولهم قرآن محمد وقرآن أبي بكر وقرآن عثمان ،في محاولة منهم لتضليل بعض المسلمين وتشكيكهم في مصداقية كتاب ربهم ،وهذا نتيجة مشكلة غربية في كتبهم المقدسة حيث أصابها التحريف على أيدي معتقديها ،فأراد المسشرقون أن ينقلوا ما عندهم من مشكلات وإسقاطها على القرآن الكريم ،وهذا أحد مناهج المستشرقين في دراساتهم ضد الإسلام ويعرف باسم “المنهج الاسقاطي “.