الدين المعاملة
بقلم : الدكتور محمد عبدالعزيز خضر الأزهري
الدين المعاملة تعبير شائع ، يتداوله خاصة الناس وعامتهم ، فحين يقال : فلان متدين كثيرا ما ينبرى أحدهم ليقول :”الين المعاملة ” كأنه يشير إلى عدم تمثله لأخلاق ذلك الين فى سلوكه وأخلاقه ، وهذا أمر صحيح تؤيده دلائل كثيرة ، ولكى يتضح الأمر فإننا نود الإشارة – باختصار – إلى مفهوم الين ومفهوم المعاملة . أما لفظ “الدين ” فقد وردت له معان عديدة فى القرآن الكريم ،أهمها : الين بمعنى الملة التى يدين الله بها العباد ، ومنه قواه – تعالى – : ” هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ” ، أما لفظ ” المعاملة ” فإن المعاملة تعنى الأحكام الشرعية المتعلقة بالأمور الدنيوية الخاصة بتبادل المنافع والسلوكيات الطيبة بين الناس ، كالبيع والشراء ، والرهن ، والصدق والوفاء والمعاشرة الطيبة ….إلى غير ذلك . ولا نقصد من ذلكالدين كله ينحصر المعاملات الحسنه ، وأن الإنسان إذا كان حسن المعاملة مستقيما ، فلا داعى لأن يصلى أو يصوم ، لا بل نقصد أن تمام الدين وكماله يقوم على الإنسان بصفة عامة. فمن حسنت معاملته مع الناس فذلك دليل على حسن دينه واستتقامته وحرصه على إرضاء ربه . أما المعاملة بمفهومها العام فيحكمها مبدآن أساسيان ، أولهما : عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به . ثانيهما :خالق الناس بخلق حسن وقد خصصت كتب الفقه للمعاملات بمفهومها الخاص ، كتاب المعاملات ، حيث يبحثون فيه فقه البيع والشراء والرهن … إلخ . فالمعاملة التى تظللها خشية الله وترسم معالمها قيم الدين تجعل صاحبها بعيدا عن الجشع والطمع والرغبة فى إنفاق السلعة بالإيمان والمبالغة فى بيان مزاياها . فصاحب الدين سمح إذا باع ، سمح إذا اشترى ، سمح إذا اقتضى ، فحين يأتى إليه المشترى لا ينظر إلىه على أنه مجرد فرصة يغتنمها للحصول على أكبر ربح ممكن ، بل إنه أخ ينبغى أن يعان ، وأن من هو مشتر لسلعة الآن سيكون بائعا بعد قليل لسلعة أخرى يحتاجها البائع الحالى ، وحين تسود فى المجتمع أخلاق السماحة ومبدأ ” أحب لأخيك ما تحب لنفسك ” . فإن التعامل بين الناس لن يكون فيه مغالاة ، ولا رغبة فى الإستغلال والغش لتحقيق الربح على حساب الآخرين۔ كيف يعيش الإنسان سعيدا وهو يرى أن رفاهيته قامت على فقر غيره ؟! وأن سعادته بنيت على شقاء الآخرين ؟كيف يهنأ بعيش من غش فى طعام أو شراب أودواء ؟ لا شك أن من يفعل ذلك عامدا لا يعمر الإيمان قلبه ، لأن قلبه قد احتله شيطان الجشع ، ولا يمكن أن يكون لديه انتماء لمجتمعه ، بل إنه يعبد المال ويتشبث بفروديته وأنانيته ، وإن كان من المصلين الصائمين !!!