التيسير ورفع الحرج فى الإسلام
خليل الرحمن الأفغاني
باحث في الشريعة الإسلامية
فاليسر ورفع الحرج نتيجة منطقية لعموم الإسلام وشمول شريعته. فالإسلام لم يأت لطبقة خاصة، أو لعصر معين، بل جاء عاما لجميع الناس فى كل الأرض وفى كل زمان، وكل نظام يتسم بهذا التعميم وهذا السعة، لا بد أن يتجه إلى اليسر والتخفيف ليتسع لجميع الناس.
فالتيسير روح يسري فى جسم الشريعة كلها، كما تسري العصارة فى أغصان الشجرة الحية. وهذا التيسير مبنى على رعاية ضعف الإنسان، وكثرة أعبائه، وتعدد مشاغله، وضغط الحياة ومتطلباتها عليه.
ومن أهم المميزات التي تميزت بها شريعتنا الغراء رفع الحرج عن المكلفين والتيسير عليهم، وهذه ميزة لم تكن لغيرها من الشرائع الأخرى التي تضمنت بعض أحكامها أعمالا شاقة تتناسب مع أحوالهم وأوضاعهم.
وقد دلت نصوص القرآن والسنة على يسر هذه الشريعة ورفع الحرج عنها دلالة واضحة من ذلك قوله تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، (البقرة/185) وقوله: “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”، (البقرة/286).
وقوله تعالى: “ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون”،وقال عليه الصلاة والسلام: “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا”، وقال أيضا: “بعثت بالحنيفية السمحة”، وقال أيضا: “لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار، ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم”.
وقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم أساليب عديدة لإرساء مبدأ التيسير من ذلك منها: دعوته الصريحة إلى التيسير كما قال صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وغيرها من الأحاديث،ومنها تصحيحه الفكر المعوج والفهم الخاطئ فى فهم حقيقة الدين التي تقوم على التيسير.