التيسير على الناس ورفع الحرج من مقاصد الشريعة

التيسير على الناس ورفع الحرج من مقاصد الشريعة

بقلم :د/ عبدالرحمن حماد الازهري

يقول تعالى : (وخلق الإنسان ضعيفاً)، ويقول سبحانه : (وما يعقلها إلا العالمون)، من تيسير الله على الناس قبول التوبة، ورفع الخطأ والنسيان وما يكره عليه الإنسان، وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، إذ هو رحمة للعالمين، وهذا من شأن أهل الرسوخ في العلم والمعرفة الذين يقدرون ما يحتاجه الناس من وسائل النجاح وأداء رسالتهم التي خلقوا من أجلها، فهم يعرفون ما يعرض للإنسان من عوائق وأسباب تضعه في دائرة الحرج والضيق، ودورهم أن يعالجوا هذه الحالات الحرجة، وهذا يتطلب سعة الفهم والتجربة، وقد ضرب الله مثلاً لذلك في القرآن الكريم بين فيه أهمية الرسوخ في الفقه العلمي في الدين، وأثره في التيسير على الناس حلاً للمشاكل التي تواجههم، وذلك في المسألة التي عرضت على نبي الله داود وسليمان عليهما السلام للحكم فيها، وقد ذكر الله فيها أهمية فهم الواقع ودوره في حل المشكلات والتيسير على أفراد المجتمع مبيناً أن الفهم هو سبب التيسير وذلك في قوله بعد أن عرض المشكلة : (ففهمناها سليمان)، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين كان هو الإمام والقدوة في ذلك، ويؤكد هذا علاجه للمشاكل التي تواجه الناس حتى لو كانت في العبادات بالتيسير عليهم، وهذا ما نجده في جوابه على من سأله عن الحرج الذي وقع فيه في أداء النسك من شدة الزحام : (افعل ولا حرج)، ولا شك أن هذا يؤكد أن أساس التيسير يقوم على العقل والفهم في الدين، وأما التشديد فيرجع إلى عدم فقه الواقع ومعرفة مقاصد الشريعة الوسطية التي تقوم على مبدأ (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا).