الانحراف الفكري وأثره على الفرد والمجتمع
بقلم : د. محمد الورداني الأزهري
الانحراف الفكري يمكن تعريفه بأنه: ذلك الفكر الذي لا يلتزم بالقواعد الدينية والأعراف والنظم الاجتماعية ، أي أنه ذلك الفكر الشاذ الذي يحيد بالمجتمع عن تقاليده الحميدة ، ويُخالف تعاليم الإسلام الحنيف ، والقيم السمحة؛
ومن خلال هذا التعريف يتضح التالي :
- أن الانحراف الفكري يُخالف عقيدة المجتمع ، وما يؤمن به من قيم وأخلاق ، وما يسود فيه من ثقافة .
- أن الانحراف الفكري خروج عن الوسطية والاعتدال ، فهو إما يتجه للغلو والتشدد في الدين ، أو يتجه إلى التفريط والتقصير في القيام بالواجبات الشرعية.
- أن المنحرف فكرياً يعيش في عزلة اجتماعية ؛ لأن تصوراته وآراءه ، وما يؤمن به من فكر تُخالف ما هو سائد بين أفراد المجتمع.
- أن الانحراف الفكري مُخالف للإسلام ؛ لأنه لا يلتزم بما يدعو له الإسلام من الإلتزام بمنهج الوسطية والاعتدال ، وأداء الواجبات الشرعية ، والبُعد عن المحرمات .
آثار الانحراف الفكري ومخاطره :
الحفاظ على فكر الأفراد وصيانته من الانحراف هو القاعدة الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع،
فالفكر السليم يُشكّل ركيزة مهمة في الحفاظ على الأمن وتحققه ، فبسلامة الفكر يستقيم السلوك ، فتُحفظ الدماء ، والأموال ، وتُصان الأعراض ، فيتحقق الأمن بكافة جوانبه،
أما إذا انحرف الفكر ، وخالف عقيدة المجتمع ، وناقض ثوابت الأمة ، فقد وقع البلاء ، وعمت الفوضى ، وظهر الفساد،
ومن أهم مخاطر الانحراف الفكري وآثاره السلبية على حياة الفرد والمجتمع ما يلي :
- أنه يُضر بعقيدة الأمة ، ودين المجتمع بما يحمله من أفكار مُخالفة لشريعة الإسلام ، ومُناقضة لأركانه ، ومُنافية لمنهجه القائم على الوسطية والاعتدال .
- فيه تشويه لصورة الإسلام وقيمه النبيلة ، المتمثلة في الرحمة والعدل والتسامح والشورى وغيرها ، وهو سبب للتنفير من الدخول فيه واعتناقه ، فالقيام بالأعمال الإرهابية التي تزعزع الأمن والاستقرار يترتب عليه تشويه سمعة الإسلام وتنفير الناس منه ، وإلصاق تهم الإسلام منها براء.
- أنه سبب في الإفساد في الأرض وتهديد للضرورات الخمس التي أمر الإسلام بحفظها ، ووضع الحدود ، ورتّب العقوبات على من انتهك حُرمتها ، فهو طريق لسفك الدماء وانتهاك الأعراض ، والإضرار بالأموال والممتلكات.
- أنه يؤدي إلى التشرذم ، والفرقة ، ويُضعف الصف ، ويُحقق الانقسام ، ويُهدد الوحدة الوطنية ويبث روح الكراهية بين مختلف طبقات المجتمع ويعود بالمجتمع إلى دعاوي الجاهلية من خلال تشجيعه على التعصب الطائفي والقبلي والفئوي.
وسائل الانحراف الفكري (عوامل انتشاره):
- الجهل :
فالجهل بالدين ، وما يلحق به من ضعف العلم الشرعي ، وقِلة الفقه ، والجهل بدلالات النصوص وبمقاصد الشريعة، من العوامل المؤدية إلى ظهور الانحرافات ، حيث أن البيئة الجاهلة أو قليلة العلم تُعتبر مكاناً خصباً لنمو وانتشار الانحرافات ، وتقع ممن يجهل الدين على وجهه الصحيح.
- تقديم الهوى على الأدلة الشرعية:
فاتباع الهوى والظن وتقديم العقل على النقل ، ورد النصوص الشرعية الثابتة من وسائل الانحراف الفكري ، ومن عوامل الضلال، والمتأمل لحال أهل الأهواء والافتراق والبدع يجد أن من أعظم أسباب إصرارهم على بدعهم : الهوى وما تميل إليه نفوسهم ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر نجد أن منهجهم يقوم على اتباع الظن.
- أخذ العلم من غير أهله :
وهم العلماء المشهود لهم بسعة العلم ، وصحة العقيدة ، وسلامة المنهج ، والتقوى والخشية من الله ، وإذا تصدى للعلم والفتوى غير المؤهلين ممن هم قليلي العلم ، أو من أصحاب المنهج السقيم ، أو أهل الأهواء ، فإنهم سيؤثرون على فكر العامة ، وسيكونون سبباً لانحرافهم وفتنتهم .