الإمام الحافظ أبو الحارث الليث بن سعد بن عبدالرحمن

الإمام الليث بن سعد فقيه الديار المصرية في زمانه

بقلم :دكتور/عبدالرحمن حماد الأزهري

الإمام الحافظ أبو الحارث الليث بن سعد بن عبدالرحمن الفهمي القلقشندي ، ولد في سنة 94هـ بقرية قلقشندة إحدى قرى مركز طوخ التابع لمحافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية ،كان أحد أشهر الفقهاء في زمانه حتى فاق في علمه وفقهه الإمام مالك بن أنس إمام المدينة المنورة ،غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه ونشره مثلما فعل تلامذة الإمام مالك ،وكان الشافعي يقول :”الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به”،وقد بلغ من فقه الإمام الليث أن والي مصر وقاضيها كانوا يرجعون إلى رأيه ومشورته ،وذلك لأنه تلقى العلم عن كبار التابعين وتابعيهم مثل عطاء بن أبي رباح وعبدالله بن أبي مليكه ومحمد بن شهاب الزهري ويزيد بن أبي حبيب ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم من فقهاء عصره،وقد تولى الإمام الليث بن سعد قضاء مصر في ولاية حوثرة بن سهل أيام خلافة مروان بن محمد آخر خلفاء الأمويين ،هذا وقد التف حوله كثير من طلاب العلم فروى عنه محمد بن عجلان وعبدالله بن لهيعة وعبدالله بن المبارك وغيرهم .

أما مجلس علم الإمام الليث بن سعد اليومي فكان ينقسم إلى أربعة أقسام ،الأول للوالي يستشيره في حوائجه ،والثاني لأهل الحديث الشريف ،والثالث عام للمسائل الفقهية يفتي السائلين ،والرابع للناس ممن يسألونه المال فلا يرد أحداً منهم .

وقد تمتع الإمام الليث بن سعد بمنزلة كبيرة لدى كبار العلماء ،يقول عنه يحيي بن بكير :”ما رأيت أحداً أكمل من الليث “،وقال عنه الإمام أحمد بن حنبل:”الليث ثقة ثبت ” ،وقال العجلي والنسائي :”الليث ثقة”، ويقول الشافعي :”الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به”.

توفي الليث بن سعد في مصر يوم الجمعة الخامس عشر من شعبان سنة 175هـ ،وكانت جنازته عظيمة شهدها خلق كثير ،وحزن عليه أهل مصر حتى كانوا يعَزون بعضهم بعضاً ويبكون ،وصلى عليه موسى بن عيسى والي هارون الرشيد على مصر ودفن بالقرافة الصغرى وقبره فيها مشهور معلوم ، رحم الله الإمام الليث بن سعد رحمة واسعة وجميع المسلمين آمين .