الإمام أبو حنيفة رائد مدرسة التجديد

الإمام أبو حنيفة رائد مدرسة التجديد

دكتور / محمد إبراهيم سعد النادي الأزهري
كلية الشريعة والقانون

الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن المرزبان بن زوطى بن ماه مولى بني تميم بن ثعلبة ، ولد بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة ، وكان أبو حنيفة في أول أمره منصرفا إلى الاشتغال بالتجارة وحدها ، ثم اشتغل معها بالعلم فكان يتاجر في الخز وهو نوع من الثياب ، وكان تاجرا موسرا ، طلب أبو حنيفة العلم بالكوفة وهي حينئذ تشهد نشاطا علميا كبيرا ، ويروى أنه بدأ بتعلم النحو، والنحو في أصله قواعد مضبوطة وأقوال مسموعة ولا مجال فيها لتصرف العقل أو تعدد الرأي وكان أبو حنيفة يحب استخدام عقله ورأيه ، فأراد بمقتضى هذا أن يجمع كلمة    ” كلب ” على ” كلوب ” كما تجمع كلمة ” قلب ” على ” قلوب” فقالوا له : لابد أن يكون جمع ” كلب ” هو ” كلاب”

فضاق ذرعا بهذا وترك النحو الذي لا قياس فيه إلى تعلم الفقه الذي يوجد فيه قياس يرضي عقله وذكائه ، وكأن الذين رووا لنا هذه الحادثة أرادوا أن يشعرونا بميل أبي حنيفة إلى الأخذ بالرأي من أول الطريق

فقد أكثر أبو حنيفة من الرأي والقياس والسبب في هذا أنه أقل من غيره من الأئمة في رواية الحديث لتقدم عهده على عهد بقية الأئمة ولتشدده في رواية الحديث بسبب فشو الكذب في العراق وكثرة الفتن ، ولعل شهرة أبي حنيفة بالقياس هي التي دفعت إلى الحوار بين أبي حنيفة والإمام محمد الباقر عندما ورد المدينة زائرا حيث قال له الباقر : أنت الذي حوّلت دين جدي وأحاديثه بالقياس ، فقال له أبو حنيفة معاذ الله ، فقال محمد بل حولته ، فقال أبو حنيفة اجلس مكانك كما يحق لك ، حتى أجلس كما يحق لي ، فإن لك عندي حرمة كحرمة جدّك في حياته على أصحابه ، فجلس ثم جثا أبو حنيفة بين يديه ، ثم قال : إني سائلك عن ثلاث كلمات فأجبني : الرجل أضعف أم المرأة ؟ فقال محمد : المرأة ، فقال أبو حنيفة كم سهم للمرأة ؟ فقال للرجل سهمان وللمرأة سهم فقال أبو حنيفة : هذا قول جدّك ولو حوّلت دين جدّك لكان ينبغي في القياس أن يكون للرجل سهم وللمرأة سهمان لأن المرأة أضعف من الرجل ، ثم قال : الصلاة أفضل أم الصوم ؟ فقال الصلاة أفضل قال هذا قول جدّك ولو حوّلت قول جدّك لكان القياس أن المرأة إذا طهرت من الحيض أمرتها أن تقضى الصلاة ولا تقضى الصوم ، ثم قال البول أنجس أم النطفة ؟ قال البول أنجس قال : فلو كنت حولت دين جدك بالقياس لكنت أمرت أن يُغسل من البول ويُتوضأ من النطفة ولكن معاذ الله أن أحول دين جدك بالقياس فقام محمد فعانقه وقبل وجهه وأكرمه، توفي رحمه الله عام مائة وخمسين من الهجرة .

 

دكتور / محمد إبراهيم سعد النادي الأزهري

كلية الشريعة والقانون