الإسلام دين الوسطية
بقلم :د/ يوسف مصطفى الأزهري
مما لا شك فيه أن الإسلام يعني على منهج الوسطية الإيجابية التي تقوم على التوازن والاعتدال في النظرة لأمور الدين والدنيا، دون غلو ولاتفريط.
وقد رأينا الإسلام يتسم بالوسطية في كل شيء، ويجعلها من خصائص أمته الأساسية، قال تعالى: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا”
والوسطية التي نؤمن بها تمثل التوازن الإيجابي في كل المجالات اعتقادية وعملية، مادية ومعنوية، فردية واجتماعية، فالإسلام يعمل على الموازنة بين الروح والمادة، وبين العقل والقلب، وبين الحقوق والواجبات، وبين الدنيا والأخرة، وهذا ما يشير اليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ” ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة” و في قوله تعالى :”وابتغ فيما أتاك الله الدارالآخرة ولا تنس نصبيك من الدنيا” ومن ناحية أخرى، يقيم الإسلام الموازين القسط بين الفرد والمجتع، فلايعطي الفرد من الحقوق والحريات ما يتضخم به على حساب مصلحة المجموع، كما فعلت الرأسمالية، ولايعطي المجتمع من الصلاحيات والسلطات، ما يجعله يطغي ويضغط على الفرد، بل يعطي الفرد حقه، والمجتمع حقه، بلاطغيان ولاخسران وقد نظمت ذلك أحكام الشرعية وتوجيهاتها.
إننا نؤمن بأن الغلو في الدين مهلك للفرد والجماعة ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” إياكم والغلوفي الدين، فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”.
لهذا نتبنى الفكر الوسطي في كل مجال فهو الذي يصلح للأمة وتصلح به الأمة.
وهذه الوسطية المتوازنة تتممها تكاملية شاملة، ذلك بأن الإسلام لايجعل أكبر همه التطبيق الظاهري للجانب القانوني في الشريعة، لكن مهمته الكبرى، السعي الحثيث لإقامة حياة إسلامية حقيقية لا شكلية، حياة تعمل على إصلاح ما بأنفس الناس حتى يصلح الله ما بهم، في ظلها يبنى الإنسان المؤمن والأسرة المتماسكة والمجتمع المترابط والدولة العادلة التى تتصف بالقوة والأمانة.