الإبداع الكوني ومظاهر الإعجاز فيه
لماجد خان الباكستاني
باحث في أصول الدين
إن النظر فى الملكوت الكوني الذي هو خلقه الله – جلت قدرته- يشعرنا بالإعجاز، ويوفقنا لإدراك سنة الله فى الكونه وملكوته تعالت حكمته، ففى الكون تتجلى أسماءه الحسنى وصفاته العلى ، وأنه حينما يتبلور هذا العلم الفلكي لمعرفة حقائق هذا الكون وأسراره، وما فيه من تجليات وإبداعات نراه يرتبط ارتباطا كليا بالإيمان، وتغدو المعرفة الصحيحة فيه لكل جزئيات هذا الكون شقيقة العقيدة الإسلامية الصحيحة،فيشعر الإنسان –إذ ذاك- بلذة ما يعقبها لذة، نتيجة التدبر والتفكر فى ملكوت هذا الكون، وجلالة خالقه-سبحانه وتعالى- تصديقا لما جاء فى تنزيله المحكم: “قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا ؤمنون”،(يونس/101).
وكلما نظر المخلوق فى مخلوقات خالقه- فى هذا الكون الفسيح- ازداد- إذا كان مؤمنا حقا- إيمانا وتوحيدا، واكتسب معرفة أكثر بخالقه-جل شأنه- نتيجة هذا الإبداع المحكم والصنع الدقيق إنه “صنع الله الذي أتقن كل شيء”، النمل/108.
والتدبر كما قال بعض المفسرين فى الآيات الكريمات: “والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازلحتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون”، (يس 38-40) ،أي كل منهما – أي الشمس والقمر- له مجرى يسبح فيه، فلا يتجاوزه ولا يتعداه، ولا يستر أحدهما ضوء الآخر ، فلكل منهما حد وعلم لا يعدوه، ولا يقصر عنه، فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخروتلك حكمة من حكم العلى القدير يلطف بعباده فى قضائه، فلا يكون الكون نهارا مضيئا -دائما- للمعاش، ولا ليلا مظلما –دائما- للباس، ومن ثم لا يفوت الليل النهار فيذهب ضوءه ولا يفوت النهار الليل فيذهب ظلمته، فالشمس والقمر يجريان بحساب معلوم كما أخبر بذلك القدير المقتدر،فسبحان من سخر لنا كل شئ وقدر خلق كل شئ بنظام محكم.