اختيار جنس الجنين في ضوء الشريعة الاسلامية
بقلم : دكتور / محمد إبراهيم سعد النادي الأزهري
كلية الشريعة والقانون
يعد اختيار جنس الجنين من المسائل المهمة لأنها تتعلق بالحياة الإنسانية وما سيؤول إليه الجنين المستقر في الرحم .
ويراد باختيار جنس الجنين : ما يقوم به الزوجان من الأعمال والإجراءات الطبيعية بنفسيهما أو الطبية من خلال مختص بهدف تحديد ذكورة الجنين أو أنوثته .
وقد تبين للعلماءأن خلق الإنسان يبدأ من خلية واحدة وأن هذه الخلية تحتوي علي ثلاث وعشرين زوجا من الكروموسوماتتحمل أسرار الإنسان ، اثنان وعشرون منها مسئولة عن بنيان الجسم وصفاته وواحد منها فقط مسئول عن تعيين الجنس ذكرا أم أنثىومن المعلوم لدي أهل الاختصاص أن خلايا الرجل تحتوي علي الكروموسومات (XY) وخلايا المرأة (XX) ويأتي فرد من هذه الأزواج من الأب بينما يأتي الآخر من الأم
ويعتمد نوع الوليد علي جنس الحيوان المنوي المخصب للبويضة فعندما يساهم الذكر بحيوان منوي يحتوي علي كروموسوم (X) والأنثي ببيضتها المحتوية بالضرورة علي كروموسوم (X) فإن جنس الجنين سيكون أنثي أما إذا ساهم الذكر بحيوان منوي يحتوي علي كروموسوم (Y) والأنثي ببيضتها المحتوية بالضرورة علي كروموسوم (X) فإنه بعد التخصيب سيكون ذكرا (XY) إن شاء الله
ويتم هذا الأمر بأن تلقح البويضة بالحيوان المنوي المطلوب أثناء عملية أطفال الأنابيب، كما يتم عن طريق حقن المرأة بالحيوان المنوي المطلوب بالتلقيح داخل الرحم ،وفي كلتا الحالتين لابد من إجراء عملية اختيار للحيوان المنوي واكتشاف أنه يحمل الجنس المذكر أو الجنس المؤنث
ولا خلاف بين العلماء علي جوز اختيارُ جنس الجنين بالطرق الطبيعية؛ كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة؛ لكونها أسباباً مباحة لا محذور فيها
كما اتفق العلماء أيضا علي أنه لا يجوز اختيار جنس الجنين علي نطاق الدول والمجتمعات ؛ لأنه يؤدي إلي الإخلال بالنواميس الكونية ؛ ولأن فيه تفضيل جنس علي جنس ، فهو مضاهاه لفعل أهل الجاهلية ، وصورة مطورة للوأد الجاهلي المحرم شرعا
واختلفوا في حكم اختياره علي مستوي الأفراد بالوسائل المخبرية علي أقوال والذي نميل إليه القول بجواز اختيار جنس الجنين لقول الله تعالي : }فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آل يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا{فقد دلت الآية علي أنه يجوز الدعاء بطلب جنس معين فقد دعا زكريا عليه السلام بطلب الذرية من الذكور ، ولو لم يكن مشروعا لما جاز له الدعاء به ومن المقرر أن ما جاز طلبه جاز فعلهوبالتالي يجوز اختيار جنس الجنين إذا كان بطريق مشروع، ولقول الله تعالي : }وَمَاجَعَلَ عَلَيْكُم فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج{
وحرمان بعض الأسر من جنس معين حرج وضيق والحرج مرفوع شرعا .
ولأن الشريعة اﻹسلامية ترحب بكل جديد مادام يحقق سعادة اﻹنسانية وﻻ يحقق لهاّ الشقاء، واختيار جنس الجنين يحقق السعادة لبعض اﻷسر في تحقيق أمنيتها في إنجاب ذكر أو أنثى حسب رغبتها واﷲ جعل اﻹنسان خليفته في اﻷرض ليسبر غورها ويكتشف قوانين الكون ونواميسه، ويسر ﷲللإنسان هذا العلم، فلماذا نحرم الناس من ثمـار العلم ؟