ابن دقيق العيد المصري الأزهري

ابن دقيق العيد المصري الأزهري

بقلم : د. محمد عبد الظاهر محمد الأزهري أستاذ الحديث الشريف وعلومه

هو : الشيخ الإمام العالم المحدث  الفقيه  قاضي قضاة  مصر العامرة  ” محمد بن علي بن وهب تقي الدين ابن دقيق العيد، المنفلوطي المصري الأزهري ، كان مولده سنة 625هـ في شهر شعبان.

وعلى ضفاف النيل بصعيد مصر ” بمركز منفلوط“.كانت نشأته  ، فحفظ القرآن الكريم حفظًا تامًّا, ودرس مذهب الإمام مالك على يد أبيه– وقد كان والده من أشهر العلماء بصعيد  مصر آنذاك  تخرج على يديه الآلاف من أبناء الصعيد وغيرهم ، – ، كما درس على يديه النحو وعلوم اللغة أيضا.وقد عاش شبابه تقيًّا نقيًّا ورعًا طاهر الظاهر والباطن، يتحرى الطهارة في كل أمر من أمور دينه ودنياه

ابن دقيق العيد في رحاب الأزهر الشريف

ثم ارتحل إلى القاهرة التي كانت في ذلك الوقت مركز إشعاع فكري وثقافي يفوق كل وصف.
فانتهز ابن دقيق العيد هذه النهضة العلمية الواسعة التي شهدتها القاهرة في ذلك الوقت، والتف حول العديد من العلماء بالأزهر ، وأخذ على أيديهم في كل علم وفن في نهمٍ بالغ، فبرع في الحديث  وعلومه  ، والفقه وأصوله ، واللغة  ، والأدب وفنونه ، ولازم سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام حتى وفاته، وأخذ على يديه الأصول وفقه الإمام الشافعي،وبلغ غايته في شتى أنواع العلوم والمعارف.

ابن دقيق العيد والمذهبية الفقهية

وقد جمع  الامام ابن دقيق العيد  بين فقهي الإمامين مالك والشافعي. حتى صار نموذجا يقتدي به  في التعددية وقبول الآخر ، والبعد عن التعصب والهوى .يتكلم بعلم ، ويفتى عن بصيرة وفهم  ، يترك المراء  والجدل ، يجمع  ولا يفرق ، يبنى ولا يهدم .

قال عنه الذهبي :

كان إماما متفننا مدققا أصوليا مدركا أديبا نحويا ذكيا غواصا على المعاني وافر العقل كثير السكينة  تام الورع مديم السنن ، مكبا على المطالعة والجمع ، سمحا جوادا ذكى النفس نزر  الكلام عديم الدعوى،  له اليد الطولى في الفروع والأصول بصيرا بعلم المنقول والمعقول، حتى اشتهر اسمه في حياة مشايخه وشاع ذكره وتخرج به أئمة وكان لا يسلك المراء في بحثه  – أي الجدل – بل يتكلم بكلمات يسيرة وكان عفيف اللسان .

توليته للقضاء وتكريم الأمراء والحكام له

في يوم السبت الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 695 ولى القضاء بالديار المصرية قال ابن حجر واستمر فيه إلى أن مات في صفر سنة 702 اثنتين وسبعمائة..) وكان -رحمه الله- في قضائه مثلاً أعلى للصدق والعدالة والنزاهة، لا يخشى في الحق لومة لائم فما كان يراه حقًّا يطمئن عليه الشرع ينفذه،حتى كان السلطان المنصور لاجين ينزل عن سريره ويقبل يده.

وفاته وتكريم الجيش المصري له

توفي بالقاهرة في صبيحة يوم الجمعة سنة702هـ، بعد أن عمّر 77 عامًا ملأ فيها الدنيا علما وأدبا ، وحلما ، وتواضعا ، وحبا للوطنه ودينه ، كما ترك لنا الكثير من المصنفات النافعة فى الحديث ، والفقه ، والأصول  وغيره ، ودفن يوم السبت بسفح المقطم شرق القاهرة، وكان يوماً مشهوداً  ، وصلي عليه  ” بسوق الخيل ”  بالقاهرة  ، وحضر جنازته نائب السلطان ،  والأمراء ، والعلماء  وجمع غفير من الأمة، وفى يوم وفاته وقف الجيش المصري– الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه خير أجناد الأرض –  ينتظر الصلاة عليه.اكراما وتقديرا له . رحم الله الإمام رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .