أهمية الرفق واللين في الإسلام

أهمية الرفق واللين في الإسلام

للدكتور/ يوسف مصطفى الأزهري

لا شك أن الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية جبلت على حب الرفق واللين، ولا ينكر أحد فضلهما في إشاعة المحبة والالفة بين البشر، كما انهما عنصران أساسيان في إقامة علاقات مودة بين الناس جميعاً، مهما تعددت جنسياتهم أو اختلفت لغاتهم، والرفق واللين مهمان مع كل أحد مهما بلغت قسوته وشدته، فإن الله تعالى أمر موسى عليه السلام بالرفق مع فرعون، مع أنه بلغ الغاية في التجبر والبطش، فقال الله سبحانه لموسى وهارون: } اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{ (طه: 43-44). والرفق صفة من صفات المولى سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه» ، وإذا كان الله سبحانه يحب الرفق فإنه يثيب عليه في الآخرة، كما جاء في الحديث «ألا أخبركم بمن يحرم على النار، وبمن تحرم عليه النار، على كل قريب هيّن سهل» وما أجمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شأنه» وللرفق في الوظيفة أهمية كبيرة، فالمسؤول يُطلب منه الرفق مع الموظفين والعمال، فلا يشق عليهم في العمل، بل يرفق بهم؛ لأنه كما يحب أن يراعي الآخرون ظروفه وراحته، فإنهم كذلك ينتظرون منه أن يكون بهم رفيقاً وبهم رحيماً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه»  والموظف يطلب منه الرفق مع المراجعين وأصحاب الحاجات، حيث لا يشق عليهم بمطالب غير ضرورية، فيضطرهم لتعطيل مصالحهم، ويضيع أوقاتهم، أو يشق عليهم في تطويل مدة انتظارهم، أو في إتعابهم بأي شكل من أشكال الضرر البدني أو النفسي. وجدير بالذكر أنه إذا كان ولابد أن يكون الرفق واللين سمتنا المميزة في كل تعاملاتنا وفي جميع أمورنا، إلا أن هناك بعض الأعمال والوظائف التي يجب الرفق بأصحابها ومعاملتهم بالحسنى أكثر من غيرهم؛ كالخادم في المنزل، رجلاً كان أو امرأة، حيث توسع بعض الناس في استخدام الخادم كالعبد، ومطالبته بالأعمال الشاقة، وهذا لا يجوز؛ لأنه إضرار به، والضرر ممنوع شرعاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه: «.. ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه» وكم من معاملة برفق كانت سبباً في هداية أناس إلى الإسلام، وكم من لين جانب حبّب ورقق قلوباً، وأصلح علاقات، وطيب نفوساً. إن تشغيل العمال والموظفين في ظروف العمل الصعبة، كالتشغيل في المصانع ومحطات التكرير، والعمل في المناطق الصحراوية، أو في الحرّ أو البرد الشديدين ونحو ذلك، يحتاج إلى الرفق بالعمال، تطبيقاً لتعاليم الإسلام وروح السماحة، ورحمة بهم وتنشيطاً لهم على العمل. ولا يعني الرفق بالموظفين التساهل في تطبيق القوانين واللوائح، وتشجيع الفوضى، والتسيّب الإداري، بل هو حسن المعاملة، والرأفة بهم والرحمة في التعامل معهم، فلا بد من الرفق في غير تهاون، واللين في غير ضعف