أدب-الاختلاف-في-الإسلامی

أدب الاختلاف في الإسلام

بقلم : د/ محمد عبد الوهاب الراسخ الأزهري

             الاختلاف سنة من سنن الله ـ عز وجل ـ في خلقه ، قال تعالي : ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين . إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم )(هود: 118 ـ 119)أي وللاختلاف خلقهم ، فالله ـ عز وجل ـ خلق الناس مختلفين في الأجناس والألوان واللغات ، مختلفين في الأفكار والآراء والمعتقدات ، قال تعالي : ( ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين )( الروم : 22) فالاختلاف مظهر من مظاهر طلاقة القدرة الإلهية أوجده الله ـ عز وجل ـ ليعطي للبشر فرصة للتفكير والتدبر ، ولأن الله ـ عز وجل ـ يعلم أن النفس البشرية يمكن ألا تتقبل الاختلاف وتعدد وجهات النظر فقد وضع للاختلاف ضوابط من أهمها وجوب احترام الرأي الآخر واتساع الصدر لقبوله ، فالإنسان المسلم ينبغي أن يعلم أنه كما أن له عقلا فلغيره عقل وكما أن له رأيا فلغيره رأي ، وعليه يجب أن يحترم الرأي الآخر حتى وإن كان لا يتفق مع ما يعتقد ، وليس معني أن يحترم الإنسان رأي غيره أن يخنع ، وألا يبرز موقفه ، وألا يدافع عن قضيته، لا بل العكس صحيح ’ فأعلن عن رأيك ودافع عنه بقوة الدليل ولكن دون أن تجرح خصمك،وهذا ما تعلمناه من رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقد حاور أهل الكتاب والمشركين بالحسنى واللين ولكن دون أن يؤثر هذا علي إيصال دعوته وتبليغ رسالته .

ومن أهم آداب الاختلاف ألا تحتكر الحق بمعني لا تقل إن معي الحق وغيري علي باطل ، ولكن قل كما قال الإمام الشافعي : رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ،فآفة هذا الزمان الذي نعيشه احتكار الحق ، فكم من جماعة اليوم تدعي أنها جماعة الحق ومذهبها هو الحق وغيرها علي باطل ، وقد تسبب ذلك في تشتت المسلمين فرقا وأحزابا ، كما أدي إلي التطرف في الفتاوى التي كفرت المسلمين ، واستباحت دماءهم وأموالهم . وفي ختام هذه الكلمة ينبغي أن نعلم أن الاختلاف وسيلة للتواصل والتكامل وليس وسيلة للتباغض والتصادم ، كما ينبغي أن نعلم أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .

والله ولي التوفيق